Svoboda | Graniru | BBC Russia | Golosameriki | Facebook
انتقل إلى المحتوى

معركة موهاج

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
معركة موهاكس
جزء من الحروب العثمانية في أوروبا
معركة موهاكس 1526م من منمنمة عثمانية
معلومات عامة
التاريخ 29 أغسطس/آب 1526م
البلد المجر  تعديل قيمة خاصية (P17) في ويكي بيانات
الموقع موهاج، بارانيا، جنوب بودابست، المجر
45°56′29″N 18°38′50″E / 45.941388888889°N 18.647222222222°E / 45.941388888889; 18.647222222222   تعديل قيمة خاصية (P625) في ويكي بيانات
النتيجة انتصار حاسم للعثمانيين وسقوط مملكة المجر
المتحاربون
الدولة العثمانية

خانية القرم

مملكة المجر

مملكة كرواتيا مملكة كرواتيا
ديسپوتية الصرب
مملكة بوهيميا
سلوڤينيا المجرية
الإمبراطورية الرومانية المقدسة
مملكة بافاريا
الدولة البابوية
مملكة بولندا

القادة
سليمان القانوني

إبراهيم پاشا
بالي بك مالكوچ أوغلو
غازي خسرو بك
بهرام پاشا
دولت كراي الأول

لويس الثاني  
بولس توموري 
جرجس زاپولياي  
لاديسلاوس تسالكاي
بابلو فارداي
القوة
التقديرات القديمة:
70.000[1]-100.000[2]
300 مدفع[2]
التقديرات الحديثة:
~55,000 إلى 60,000[3][4]
  • 45,000 نظامي[5][6]
  • 10,000 غير نظامي[5]
  • 160 مدفع (نوع قذفي) (كرات مدفع حجرية)[5][6]
التقديرات القديمة:
150.000[2]
100 مدفع[2]
التقديرات الحديثة:
~35,000 إلى 40,000 (26,000 دخلوا ساحة المعركة) [3][4]سلاح فرسان الدرك الثقيل، 85 مدفع (نوع مثقوب) (لم يستخدم سوى 53 فقط في المعركة[7]) بكرات مدفع حديدة متفجرة مع قربينات.
يوحنا زاپوليا[8][9] ومعه 10,000. لم يصل كلا من 5000 من الكروات الفرانكوپانيين والقوات البوهيمية إلى ساحة المعركة في الوقت المناسب.
الخسائر
1,500 قتيل[3][4] 14,000 إلي 20,000 قتيل[3][4]
خريطة


معركة موهاج أو موهاكس أو موهاتش أو معركة سهل موهاكس (بالمجرية: Mohácsi csata)‏ (بالتركية: Mohaç Meydan Muharebesi)‏ إحدى أكثر المعارك أهمية في تاريخ أوروپا الوسطى. جرت المعركة في يوم الأحد 29 أغسطس/آب 1526م، في شهر ذي القعدة عام 932 هجرية بالقرب من موهاكس الواقعة بمملكة المجر، في جنوب المجر الحالية، بين القوات المجرية بقيادة الملك لويس الثاني وقوات الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليمان القانوني، وانتهت بانتصار العثمانيين وسيطرتهم على جزء كبير من المجر. بدأت المعركة بين الساعة الواحدة والثانية ظهراً وانتهت بهزيمة ساحقة للمجريين. أدى الانتصار العثماني إلى تقسيم المجر لعدة قرون بين العثمانيين وملكية هابسبورغ وإمارة الأردل. علاوة على ذلك فإن وفاة لويس الثاني أثناء فراره من المعركة كانت بمثابة نهاية لسلالة ياغيلون في المجر وبوهيميا، والتي انتقلت مطالباتها إلى أسرة هابسبورغ. شهدت معركة موهاكس نهاية العصور الوسطى في المجر.

دخل الجيش العثماني الأراضي المجرية فعبروا نهر الطونة (الدانوب) ووصلوا بلغراد التي جُعلت قاعدة لأعمالهم الحربية،[10] وبينما كان لويس ينتظر في بودا، حاصر العثمانيون عدة مدن وقلاع، فحاصروا پيتيرڤارادين (بالتركية: Petervaradin)‏ ودخلوها لاحقاً في 15 يوليو/تمُّوز 1526م، وحاصروا أويلاك (بالتركية: Ujlak)‏، وأوسييك (بالتركية: Eszek)‏ دون مواجهة أي مقاومة تُذكر، وعبروا نهري سافا ودراڤا. تم إبلاغ الجيش في قلعة أوسييك بأن هدف الحملة هو العاصمة المجرية بودا. وبعد أن افتتح الجيش عدة قلاع ذات أهمية حربية على نهر الطونة،[10] عبر العثمانيون نهر دراڤا وتقدموا نحو «وادي موهاكس» دون مقاومة تُذكر بعد 128 يومًا من خروج الحملة، قاطعًا 1000 كيلومتراً ويقع هذا الوادي الآن جنوبي بلاد المجر على مسافة 185 كم شمال غربي بلغراد و170 كم جنوبي بودابست.[10]

في عصر يوم 29 أغسطس/آب، انقسم الجيش المجري إلى صفين وفقًا لخطة المعركة الخاصة به. كان الصف الأول يتشكل من الوسط والميمنة والميسرة، ويتألف الخط الثاني من أربعة طوابير، وكان الملك لويس الثاني في هذا الخط. هجم المجريون على الجيش العثماني الذي اصطف على ثلاثة صفوف، وكان السلطان ومعه الصدر الأعظم إبراهيم پاشا الفرنجي ومدافعهم الجبارة، وجنودهم من الانكشاريين في الصف الثالث، فلما هجم فرسان المجر وكانوا مشهورين بالبسالة والإقدام أمر إبراهيم پاشا صفوفه الأولى بالتقهقر حتى يندفع المجريون إلى الداخل، حتى إذا وصلوا قريبًا من المدافع، أمر إبراهيم پاشا بإطلاق نيرانها عليهم فحصدتهم حصدًا. ساعدت القوات العثمانية المتفوقة عدداً وعُدَّة واستخدامها الفعال للمدفعية المحمولة، 300 مدفع، والبنادق، وهو أمر لم يواجهه الأوروپيون من قبل، على تدمير القوة الرئيسية للجيش المجري المؤلفة من الفرسان الثقيلة في وقت قصير، مما أدى إلى هزيمة كبيرة للمجر.

استمرت الحرب ساعة ونصف الساعة في نهايتها أصبح الجيش المجري في حالة تقهقر، بعد أن غرق معظم جنوده في مستنقعات وادي موهاكس، ومعهم الملك لويس الثاني وسبعة من الأساقفة، وجميع القادة الكبار، ووقع في الأسر خمسة وعشرون ألفًا، في حين كانت خسائر العثمانيين ألف وخمسمائة قتيلا، وبضعة آلاف من الجرحى. تقول عدة مصادر موثوقة أن الملك المجري لويس الثاني غادر الميدان عند الغسق وهرب تحت جنح الظلام. وبما أن الشمس لم تغرب في 29 أغسطس/آب 1526 حتى الساعة 18:27م، فإن هذا يشير إلى أن المعركة استمرت لأكثر من ساعتين إلى ثلاث ساعات، أو ربما أربع أو خمس ساعات.

كانت هزيمة موهاكس حدثًا كارثيًا للشعب المجري، حيث استمرت آثارها المؤلمة لعدة قرون. وعلى الرغم من ضعف الجيش المجري ومحدودية الجيش وانهيار الاقتصاد المتهالك للمملكة المجرية، إلا أنه يُعتقد أن بولس توموري (بالمجرية: Pál Tomori)، القائد العام للجيش المجري، لجأ إلى كل الوسائل وأعد خطة معركة رائعة، لم ينفذها في المعركة.[11]

الخلفية التاريخية

[عدل]

بعد وفاة الملك المُطلق، ملك المجر وكرواتيا، ماتياس كورڤين (بالمجرية: Hunyadi Mátyás أو Corvin Mátyás) سنة 1490م لم يشأ أقطاب المجر والنبلاء أن يأتيهم ملك مطلق آخر، لذلك نصبوا فلاديسلاف الثاني (بالمجرية: II. Ulászló) ملك بوهيميا ضعيف الإرادة، ملكا على المجر من 1490م إلى 1516م. اشتهر باسم "الملك دوبرا" (بالمجرية: Dobzse) ومعناها «تمام، موافق» لعادته في قبول أي عريضة أو وثيقة توضع أمامه دون نقاش.[12] فبعد انتخابه قام الملك فلاديسلاف الثاني بإعطاء معظم ممتلكات العرش وحقوقه والإتاوات إلى النبلاء في محاولة لتثبيت حكمه الجديد والحفاظ على شعبيته بين الأمراء. ولكن تلك السياسة المالية وتوزيع الأراضي الساذجة للديوان الملكي جعلت السلطة المركزية تعاني من صعوبات مالية شديدة. فتمكن النبلاء في البرلمان من تخفيض العبء الضريبي عليهم بنسبة 70-80 ٪ على حساب قدرة البلاد على الدفاع عن نفسها.[13] أصبح فلاديسلاف «الأسير» لدى النبلاء عاجزًا؛ ولم يستطع اتخاذ قرار دون موافقتهم.[14] فتمكنت الطبقة الأرستقراطية من حل جيش المرتزقة الدائم المُسمى بالجيش الأسود المجري لماتياس كورڤين. وفكك النبلاء أنظمة الإدارة الوطنية والبيروقراطية في جميع أنحاء البلاد. تراجعت دفاعات البلاد في الوقت الذي لم يتقاض فيه حراس الحدود وحاميات القلعة أجورهم، وأصبحت القلاع في حالة سيئة، وتم خنق المبادرات الرامية إلى زيادة الضرائب لتعزيز الدفاعات.[15] تراجع دور المجر دوليا وتزعزع استقرارها السياسي، وتوقف التقدم الاجتماعي. أدى ظهور البروتستانتية المبكر إلى زيادة تدهور العلاقات الداخلية في البلاد.

كان النبلاء الأقوياء مشغولين بقمع الفلاحين وبالشجار مع نظرائهم في البرلمان لدرجة أنهم فشلوا في الاستجابة لدعوات الملك لويس الثاني للحشد ضد العثمانيين.

واجه الملك فلاديسلاف الثاني الضعيف والطاعن بالسن تمردًا قويا من الفلاحين بقيادة جيورجي دوزا في سنة 1514م، فسحقه النبلاء بلا رحمة بقيادة يوحنا زاپوليا (1490م-1540م). ولكن بعد تمرد دوزا أضعف القمع الوحشي وحدة المجر السياسية، فلم يعد المجريون شعبًا متحدًا، حيث أدى التدهور الناتج في النظام إلى تمهيد الطريق أمام التدخل العثماني سنة 1526م.

تزوج الملك لويس الثاني ملك المجر من ماري هابسبورغ في سنة 1522م. فارتاب العثمانيون من هذا التحالف الذي شكل تهديدًا لقوتهم في البلقان وعملوا على كسره، إذ أن الدولة العثمانية رأت تهديدًا لها في تقارب المجر من آل هابسبورغ، أحد أهم العائلات المالكة في أوروپا، من أصل ألماني، وتشتهر بكونها مصدر الأباطرة المنتخبين رسمياً لحكم الإمبراطورية الرومانية المقدسة. قدَّمَ البابُ العالي عدة عروض للسلام إلى المجريين بعد تولي السلطان سليمان القانوني السلطة، ولكن الملك لويس الثاني رفضها. لم يكن من الواضح السبب وراء هذا الرفض، لكن يُحتمل أن لويس الثاني كان يدرك الوضع الصعب للمجر خصوصا بعد معركة جالديران والسلام البولندي-العثماني لعام 1525م، وربما اعتقد أن الحرب خيار أفضل من السلام، حتى في أوقات السلم.

كان فتح بلغراد في 2 شعبان 927 هـ / 1521م بيد الدولة العثمانية، رغم حصارها من قبل ثلاث مرات في 1440م، و1456م، و1492م، ضربة كبيرة لمملكة المجر، ولكنها لم تكسر قوتها. استمرت الحروب بين المجر والدولة العثمانية بعد فتح بلغراد. اقترح بالي بك بن يحيى پاشا زاده مالكوچ أوغلو (بالتركية: Yahyapaşazade Malkoçoğlu Bali Bey)‏، أحد قادة الحدود، على السلطان سليمان القانوني الاستيلاء على الأراضي المجرية بين نهري دراڤا وساڤا.[10]

بعد فشل المحاولات الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق يتضمن مطالب تُزيل مخاوف الدولة العثمانية، قرر العثمانيون استخدام القوة العسكرية ضد المجر، فداهموا الأراضي المجرية وضَمُّوا الأراضي الصغيرة والقلاع الحدودية كمقدمة للمعركة النهائية، ولتحقيق تلك الغاية، تقدمت حملة عسكرية عثمانية إلى نهر الدانوب في يونيو/حزيران 1526م.

أسباب المعركة

[عدل]

فرنسا تلجأ إلى العثمانيين لإنقاذ الملك فرانسوا

[عدل]

كان السبب في قرار السلطان سليمان القانوني القيام بحملة مجرية هو المنافسة بين إمبراطور الروم المقدس شارلكان وملك فرنسا فرانسوا الأول. وذلك أن شارلكان ملك النمسا كان في آن واحد ملكًا لإسبانيا والبلاد المنخفضة (هولندا) وإمبراطورًا لألمانيا وحاكمًا لجزء عظيم من إيطاليا الجنوبية، وكانت جمهوريتا جنوة وفلورنسا تابعتين إليه وجمهورية البنادقة طوع أمره ومدينة وهران بإقليم جزائر الغرب تابعة له، وكذلك جزيرة مينورقة وجزيرة صقلية، فكانت أملاكه محيطة بمملكة فرنسا من جميع الجهات إلا من جهة البحر. ولذلك سعى فرانسوا الأول ملك فرنسا في التحالف مع الدولة العثمانية والاتِّحاد معها على محاربة شارلكان لتحاربه الدولة العثمانية من جهة المجر والنمسا وتشغله عن جيوش فرنسا من جهة الغرب.[10]

لوحة تمثل القبض على فرانسوا الأول ملك فرنسا في معركة باڤيا 1525م. أرسلت لويز دي ساڤوا والدة فرانسوا سفيراً إلى اسطنبول لطلب مساعدة السلطان سليمان القانوني الذي قبل طلب المساعدة ودفعه إلى مهاجمة مملكة المجر عام 1526م، مما أدى إلى معركة موهاكس.[16]


لكن بعد هزيمة فرانسوا الأول وأسره في مدينة پاڤيا شمال إيطاليا في معركة باڤيا 1525م الكارثية، نُقل لاحقًا إلى إسپانيا سجيناً حيث كان يقيم شارلكان، فأرسلت والدته لويز دي ساڤوا سفيراً إلى اسطنبول لطلب مساعدة السلطان سليمان القانوني في إنقاذ ابنها، ولكن لم يصل هذا السفير إلى الباب العالي، بل قَبَضَ عليه حاكم البوسنة أثناء مروره قاصدًا القسطنطينية، وقتله هو وأتباعه. وفي أواخر سنة 1525م أُرسل سفير آخر هو يوحنا فرنجپاني (بالفرنسية: Jean Frangipani)‏ ووصل القسطنطينية برسائل سرية إلى السلطان يطلب منه بكل تواضع المساعدة على إطلاق سراح الملك والهجوم على آل هابسبورغ.[16][10] وقابل السلطان سليمان السفير الفرنسي في 6 ديسمبر سنة 1525م باحتفال زائد وأجزل له العطايا، وبعد أن عرض عليه السفير مطالب ملكه وعده السلطان بمحاربة المجر، ولكن لم تُمْضَ بينهما معاهدة بل اكتفى السلطان بأن كتب له خطابا يظهر له فيه استعداده لمساعدته، جاء فيه «أنا السلطان سليمان خان بن السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد خان، إلى فرنسيس ملك ولاية فرنسا: وصل إلى أعتاب ملجأ السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم فرانقبان النشيط مع بعض الأخبار التي أوصيتموه بها شفاهيٍّا، وأعلمنا أن عدوَّكم استولى على بلادكم، وأنكم الآن محبوسون وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم، وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سرير سدَّتنا الملوكانية، وأحاط به علمي الشريف على وجه التفصيل، فصار بتمامه معلومًا، فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم؛ فكن منشرح الصدر ولا تكن مشغول الخاطر؛ فإن آبائي الكرام وأجدادي العظام — نور لله مراقدهم — لم يكونوا خالين من الحرب لأجل فتح البلاد وردِّ العدو، ونحن أيضًا سالكون على طريقتهم وفي كل وقت نفتح البلاد الصعبة والقلاع الحصينة وخيولنا ليلًا ونهارًا مسروجة وسيوفنا مسلولة، فالحق — سبحانه وتعالى — ييسر الخير بإرادته ومشيئته. بمقام دار السلطنة العلية، القسطنطينية المحروسة المحمية». [10]

قبل السلطان القانوني طلب المساعدة من أجل كسر قوة شارلكان، وقرر شن الحرب على مملكة المجر التي كانت قد تحالفت مع إمارات الأفلاق والبغدان ضد الدولة العثمانية. وبدأت تلك الحرب بسبب رغبة لويس الثاني في السيطرة على المجر.[16][10]

الأحداث الأوروبية والتحالف العثماني الفرنسي

[عدل]

في 24 فبراير 1525م تعرض الملك فرانسوا الأول ملك فرنسا للهزيمة في معركة باڤيا 1525م أمام قوات الإمبراطور الروماني المقدس شارلكان. فبعد عدة أشهر في السجن أُرغم فرانسوا الأول على توقيع معاهدة مدريد. في لحظة فاصلة في الدبلوماسية الأوروپية، شكل فرانسوا تحالفًا رسميًا فرنسيًا عثمانيًا مع السلطان سليمان القانوني ليكونّا حِلفا ضد شارلكان. واستمر التحالف الاستراتيجي الفرنسي العثماني وأحيانًا التكتيكي لمدة ثلاثة قرون.[17] ولتخفيف ضغط هابسبورج على فرنسا طلب فرانسوا من السلطان سليمان شن الحرب على الإمبراطورية الرومانية المقدسة من تركيا إلى وسط أوروپا مرورا بالمجر. تزامن طلب الملك الفرنسي مع طموحات السلطان سليمان في أوروپا وأعطاه حافزًا لمهاجمة المجر سنة 1526م.[17]

ولمواجهة التقدم العثماني هذا، أرسل لويس الثاني دبلوماسييه إلى العواصم الأوروپية طلباً للنجدة[18]، ولكن نشاطه وقف عند هذا الحد. تحركت الدول الأورپية ضمن دائرة مصالحها، فحث البابا كليمنت السابع ملوك أوروپا لمساعدة المجر، إلا أن الراهب مارتن لوثر نصح الأمراء البروتستانت أن يلزموا أوطانهم، وبقي شارلكان عاجزا عن تقديم المساعدة بفعل المشاكل في أوروپا، كما لم يُحرك ملك إنجلترا ساكنا.[19]

الاستعداد للمعركة

[عدل]
بولس توموري، الذي قُتل في معركة موهاكس. كان رئيس أساقفة مجري وقيادي ملكي من القرن السادس عشر، وقائد جنوب المجر. أجبرته اللامبالاة العامة التي ميزت البلاد على الاعتماد على عائدات أسقفيته لإصلاح وتعزيز الخط الثاني من الدفاع الحدودي للمجر، ولذلك سقطت بلجراد أمام العثمانيين بسبب نقص حاميات القلاع.

واجه المجريون لسبعة عقود التوسع العثماني في جنوب شرق أوروپا، ولكن بدءاً من سنة 1521م تقدم العثمانيون على نهر الدانوب واستولوا على ناندورفيهيرفار (بالمجرية: Nandorfehervár) (بلغراد في صربيا حاليا)، أقوى حصن مجري في نهر الدانوب، وشاباتس (في صربيا الحالية)، مما ترك معظم جنوب المجر في وضع لا يمكن الدفاع عنه.

أحدث فقدان بلجراد حالة من الذعر الكبير في المجر، لكن الجيش الملكي الضخم الذي قوامه 60,000 جندي بقيادة الملك، والذي جُنِّدَ متأخراً وببطء شديد، أهمل إحضار تموين الطعام الكافي. وبالتالي، تفكك الجيش بشكل عفوي تحت ضغط الجوع والمرض دون أدنى محاولة لاستعادة بلغراد من الحاميات العثمانية المثبتة حديثاً. في عام 1523م، عُيّن رئيس الأساقفة بولس توموري، وهو كاهن محارب شجاع، قائدًا لجنوب المجر. فأجبرته حالة اللامبالاة العامة التي ميزت البلاد على الاعتماد على عائدات أسقفيته لإصلاح وتعزيز الخط الثاني من نظام الدفاع الحدودي للمجر، ولذلك سقطت بلجراد أمام العثمانيين بسبب النقص المزمن في حاميات القلاع. فلم تكن هناك أي بلدة أو قرية أو منطقة مجرية واحدة من أي نوع لمسافة 400 كم على طول نهر الدانوب بين بتروفاراد وبودا.

كتبت المؤرخة پاولا سوتر فيشتنر (Paula Sutter Fichtner) المتخصصة في تاريخ إمبراطورية هابسبورغ، أنه قبل معركة موهاكس، كان هناك انقطاع في التواصل بين لويس الثاني وصهره الأرشيدوق فرديناند (1503م-1564م) العاهل النمساوي من آل هابسبورغ. لم يكن فرديناند على علم بمدى خطورة الوضع، كما أن لويس الثاني والمحكمة المجرية فشلوا في إبلاغه بأنهم قرروا خوض معركة حاسمة في سهل موهاكس، وقد اتخذوا هذا القرار في 26 أغسطس/آب، قبل يوم واحد من مغادرة فرديناند في مؤتمر في معسكر لويس في مدينة باتا (Bata)، حيث نصح الأسقف المستشار أسطفان بروداريتش(Stephanus Brodericus) الملك بانتظار التعزيزات من النمسا وبوهيميا، ولكن مجموعة من النبلاء المندفعين تمكنت من إقناع الملك بالاشتباك في معركة مفتوحة وفورية على سهول موهاكس ضد العثمانيين الذين يفوقونهم عددًا. فرديناند، الذي كان يواجه توترات دينية وانتفاضات في أراضيه الخاصة بالإضافة إلى طلبات إخوانه للمزيد من القوات لجبهات أخرى، قرر الانشغال بما اعتقد أنه الأمر الأكثر إلحاحًا أولاً.[20] وفقًا لستيفن فيشر-جالتي (Stephen Fischer-Galati) (1924م-2014م)، أستاذ التاريخ بجامعة كولورادو والحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد الأمريكية، فإن الأدبيات تظهر أن لويس نفسه لم يكن قادرًا على فهم جدية أو إلحاحية التهديد العثماني بشكل كامل. من الممكن أن لويس استند في ثقته إلى تطمينات يوحنا زاپوليا وأنصاره، الذين وعدوا بالحضور للمساعدة. كان النبلاء الذين كانوا يخشون تدخل آل هابسبورغ قد رغبوا في بذل جهد مجري شامل إما لاحتواء عسكري أو دبلوماسي أو الوصول إلى هدنة مع الباب العالي.[21]

أصدر السلطان سليمان القانوني في 10 مارس 1526م أوامره لقادة الروملي، وبهرام باشا بكلربك الأناضول، وبكلربك البوسنة، وخان القرم، للتحضير للحملة. شارك في الحملة جنود حرس بوابة القصر القابيقولو، وجنود ولايات سوريا ومصر.

انطلق السلطان سليمان القانوني من إسطنبول في 23 أبريل 1526م على رأس جيشه، وعبر الجيش الأناضولي مضيق البوسفور في غاليبولي وانضمت إليه قوات قادة الروملي، ووصلوا إلى مدينة فيلبه (Philippopolis) (اسمها الحالي: پلوڤديڤ) في بلغاريا بعد يومين. وفي صوفيا، أجرى السلطان سليمان استعراضاً لجيشه وأرسل الصدر الأعظم إبراهيم پاشا على رأس جيش الروملي، مدعماً بقوات الإنكشارية إلى ناندورفيهيرفار (حاليا: بلغراد عاصمة صربيا)، لتأمين عبور نهر ساڤا الذي يمر بها.
معركة موهاج is located in Serbia
سيرميا
سيرميا
إيلوك
إيلوك
پيتيرڤارادين
پيتيرڤارادين
ناندورفيهيرفار (بلغراد)
ناندورفيهيرفار (بلغراد)
في بلغراد عبر الجيش العثماني نهر ساڤا خلال أسبوع كامل.

ثم بدأ الصدر الأعظم إبراهيم پاشا، بدعم من الأسطول النهري، حصار قلعة پيتيرڤارادين واستسلم المدافعون.

ثم بدأ حصار أويلاك (في كرواتيا حاليا)، وسقطت في غضون أسبوع.

ثم استولى الجيش العثماني على القلاع الصغيرة في سيرميا، مُكملين تحييد الجزء الجنوبي الشرقي من خط القلاع الحدودية المجرية.

في 14 أغسطس، وصل الأتراك إلى نهر دراڤا.

الوضع العسكري في المجر قبيل معركة موهاكس

[عدل]

رغم وصول أخبار مقلقة إلى المجر باستمرار منذ فبراير 1526م، إلا أن البلاط الملكي كان مشلولاً بسبب نقص الأموال. حاول القائد العام لحصون الحدود، بولس توموري رئيس أساقفة كالوتشا (Kalocsa)، الحصول على أموال في بودا في مارس، ولكن دون جدوى. في نهاية الشهر، قدم هو وقادة الحصون الحدودية استقالتهم ولكنه بقي في منصبه ولم يتلقَ أي دعم. في نهاية أبريل، انعقد المجلس في راكوش (Rákos)، ولم يُذكر الهجوم العثماني ولكن دعا المجلس إلى فرض ضريبة للدفاع عن المملكة، بدون أمل في جمعها. في يونيو/حزيران، أصدرت حكومة الملك أوامر بالتعبئة. طلب الملك مدافع ومشاة من المدن، ودعت المقاطعات النبلاء إلى التجمع، وصدرت الأوامر بالفعل للفلاحين في المقاطعات الجنوبية بالحضور للخدمة العسكرية بعد الحصاد. وبسبب صعوبات التعبئة، بحلول الوقت الذي كانت فيه الجيش العثماني يعبر نهر ساڤا في نهاية يونيو/حزيران، لم يكن هناك سوى قوات حصون الحدود التابعة لتوموري، وميليشيات بعض البارونات والكرادلة الجنوبيين، ووحدة رئيس أساقفة ازترغوم التي تخدم في الجنوب، ولم يتجاوز عددهم بضع آلاف من الرجال، في حالة جاهزية قتالية.[11]

أما النبلاء المجريون الذين لم يدركوا حجم الخطر الذي يقترب منهم فلم يستجيبوا مباشرة لدعوات الملك للتعبئة العامة. ولكن بالنهاية تجمعوا في ثلاث وحدات رئيسية:

  1. جيش الأردل (ترانسيلڤانيا) بقيادة يوحنا زاپوليا المكلف بحراسة ممرات جبال الأردل الألبية ومعه ما بين 8000 و 13000 رجل.
  2. ثم الجيش الرئيسي بقيادة لويس الثاني نفسه إلى جانب العديد من المرتزقة الإسبان والألمان والتشيك والصرب.
  3. وقوة أصغر أخرى قادها الكونت الكرواتي كريستوف فرانكوپان (بالمجرية: Frangepán Kristóf) عددها حوالي 5000 رجل، بالإضافة إلى أن المساعدة الخارجية الوحيدة كانت كتيبة صغيرة من الجنود الپولنديين في نحو 1500 جندي وفارس بقيادة القائد الملكي لينارت غنويسكي (Lenart Gnoiński)، وكانت منظمة ومجهزة من الدولة البابوية.[22]

وفقاً لشاهد العيان، المؤرخ المجري المعاصر للمعركة والمتخصص في تأريخ معركة موهاكس، الأسقف والمستشار الملكي أسطفان بروداريتش، فإنه قد تجمع نحو 25,000 رجل مجري في موهاكس. ورغم أن بعض المؤرخين يقدرون قوة الجيش المجري بنحو 50,000 إلى 60,000 رجل، إلا أنه في ضوء الصعوبات التي واجهتها عملية التعبئة، فلا يوجد سبب للشك في تقييم بروداريتش. وحتى لو أخذنا الرقم على أنه 50,000 رجل وأضفنا إليه جيوش يوحنا زاپولياي الترانسيلڤانية وجيش الكونت الكرواتي كريستوف فرانكوپان والقوات المساعدة الألمانية والبوهيمية، فإن الحجم المحتمل للجيش المجري قد يصل إلى 80,000 رجل. ومع ذلك، فإن هذه القوة، مع الظروف المعاكسة للأرض إلى جانب التضاريس الصعبة والظروف الأخرى، لم تكن لتبرر خوض المعركة في موهاكس. فضلاً عن ذلك، نظراً لأن الوحدات النظامية للجيش العثماني لم يتجاوز عددها 60,000 رجل، فإن الجيش المجري المماثل في الحجم، حتى مع وجود الفرق الواضح في الجودة، لم يكن ليعاني من هزيمة كارثية كهذه. تألف الجيش المجري من حوالي 15,000 فارس معظمهم مدرعون، ونحو 10,000 من المشاة، أغلبهم من البوهيميين والموراڤيين والألمان. كانت التشكيلات ذات القيمة القتالية الأعلى والأكثر أهمية في القتال هي فرق الحصون الحدودية، والميليشيات (البانديريا وهم القوات الخاصة للنبلاء والحكام المحليين والإقطاعيين) التي خدمت لفترات طويلة في الجنوب، والمرتزقة الأجانب.[11]

أما عدد الجيش العثماني فيعتقد أنه 60,000،[5][6] على الرغم من أن بعض المؤرخين المعاصرين والحديثين قدرت عدد القوات العثمانية بنحو 100,000.[23][24][25][26][27][28][29] وقيل أن معظم قوات البلقان العثمانية في هذه المعركة كانوا من البوسنويين والكروات.[30] نصب العثمانيون أكبر مدفعية ميدان في تلك الحقبة بحوالي 300 مدفع، في حين كان لدى المجريين 85 مدفعًا فقط[31]، وكان هذا العدد كان أكبر من جيوش أوروپا الغربية المُعاصرة الأخرى المنتشرة في ساحات القتال.

غياب الخبرة العسكرية في الجيش المجري

[عدل]

كانت هناك صعوبة كبيرة في اختيار القائد الأعلى للجيوش المجرية في معركة موهاكس. فلم يكن هناك جندي مجري واحد لديه خبرة في قيادة جيش ضخم منذ معركة كوسوڤو الثانية عام 1448م، حيث لم يخُض الجيش المجري معركة نظامية ضد الجيش العثماني أو أي جيش كبير آخر. نتيجة لذلك، لم تكن هناك خبرة عسكرية كافية داخل المملكة لقيادة جيش يتألف من عشرات الآلاف من الرجال. كان هناك قادة مثل "البالاطين" أسطفان الثامن باتوري (بالمجرية: Báthory István)(بالإنجليزية: Stephen VIII Báthory)‏ أحد نبلاء ترانسيلڤانيا (الأردل)، الذي كان يعاني من النقرس، وجرجس زابولياي، وبولس توموري، الذين قادوا ودافعوا ضد العديد من الغارات على الحدود، وحاصروا حصونًا صغيرة. لكنهم أدركوا أن هذه القدرات لم تكن كافية لمواجهة جيوش عثمانية متمرسة في المعارك. رفض باتوري القيادة بسبب مرضه، ولم يُنظر في أمر رئيس القضاة يوحنا دراجفي (János Drágffy) لأسباب غير معروفة، رغم أنه كان يتمتع بخبرة عسكرية كحاكم تيميس (Temes) بمملكة المجر (تقع حاليا أراضيها في جنوب غرب رومانيا وشمال شرق صربيا)، ولكنه شارك في معركة موهاكس حيث حمل علم البلاد لكنه فقد حياته وقُتل في المعركة وفقد العلم أيضًا.

في نهاية المطاف، تم إجراء تصويت وأُختير جرجس زابولياي (بالمجرية: György Szapolyai)، الأخ الأصغر للحاكم، وبولس توموري المتردد كقادة. لم يكن لدى جرجس زابولياي أي خبرة في القيادة على الإطلاق، وكانت مآثر بولس توموري العسكرية قد تحققت على رأس تشكيلات صغيرة من سلاح الفرسان لا يزيد عدد أفرادها عن بضع مئات. ومن الشخصيات المثيرة للاهتمام كان الضابط الپولندي لينارت جنوينسكي (بالبولندية: Lenart Gnoiński)، الذي عُين رئيسًا لهيئة الأركان العامة، فقد استشهد بالدروس المستفادة من الحروب العثمانية المجرية في أربعينيات القرن 15 ولكن لم يلتفت أحد إلى اقتراحه الرئيسي الذي يقضي بإنشاء حصن متاريس العربات المتحركة "الهوسية" كما فعل يوحنا هونياد في معركة كوسوڤو الثانية 1448م لتحميهم من سيل القوات العثمانية. ومع ذلك، ناقش جنوينسكي أهمية الدفاع الشخصي عن الملك، وهنا وجد اتفاقاً، إذ اتفق الجميع على أهمية الدفاع الشخصي عن الملك، وتم تكليف ثلاثة من قادة سلاح الفرسان ذوي الكفاءة العالية بحماية الملك لويس الثاني وهم:

  1. الشاعر المجري وموظف البلاط والقائد العسكري جاسپار راسكاي (بالمجرية: Gáspár Ráskai
  2. ويوحنا فيتيز (بالمجرية: János Vitéz) من كالا (Kálla)،
  3. والنبيل المجري بان بلغراد: بالينت توروك (بالمجرية: Bálint Török).

ولم يتمكنوا من إنقاذ حياة الملك لاحقاً في المعركة مما أثار تساؤلات حول مسؤوليتهم الشخصية.[11]

مملكة المجر قبل 1526م. بعد معركة موهاكس انقسمت المملكة إلى ثلاث أجزاء: مملكة المجر والأردل والجزء الذي ضمته الإمبراطورية العثمانية.

تمركز الجيش المجري في سهل موهاكس استعدادًا لمواجهة الجيش العثماني. كان على رأس الجيش المجري الملك لويس الثاني، بينما تولى القيادة العامة القائد الأعلى: "البلاطين" أسطفان الثامن باتوري. يُذكر أن أسطفان باتوري، من عائلة باتوري النبيلة المجرية، شغل منصب "بلاطين المجر" (بالإنجليزية: Palatine of Hungary)‏، وهو أعلى منصب في مملكة المجر منذ القرن 11 حتى إلغاءه في عام 1848م، حيث كان البلاطين نائبا للملك يُعينه الملك بنفسه.[32]

أبلغ الملك المجري لويس الثاني، فويفود الأردل يوحنا زاپوليا، بضرورة الانضمام إليه في أسرع وقت. لكن يُقال إن يوحنا زاپوليا، الذي كان يقود جيشاً من 30,000 جندي، لم يشارك في المعركة بسبب غيرته من الملك.

خط الحملة العثمانية من إسطنبول إلى بلغراد

[عدل]

انطلق السلطان سليمان القانوني من إسطنبول في 23 أبريل 1526م على رأس جيشه، الذي كان مؤلفًا من نحو 60,000 جندي و300 مدفع. عبر الجيش الأناضولي مضيق البوسفور في غاليبولي وانضم إلى قوات الروملي، ووصل الجيش العثماني إلى مدينة فيلبه (Philippopolis) (اسمها الحالي: پلوڤديڤ) في بلغاريا بعد يومين.[11] نُظمَت عملية تزويد الجيش بالطعام بأقصى عناية ممكنة لتجنب التأثير على سكان المدن الواقعة على طريق الزحف إلى صوفيا.[11]

في صوفيا، أرسل السلطان سليمان الصدر الأعظم إبراهيم باشا على رأس جيش الروملي، مدعوماً بقوات الإنكشارية، لتأمين عبور نهر ساڤا. وعندما وصل السلطان إلى بلغراد، كان الجسر قد تم إنشاؤه بالفعل؛ ولم تحاول القوات المجرية تعطيل أعمال البناء.

في صوفيا، أجرى السلطان سليمان القانوني استعراضاً لجيشه وأرسل الصدر الأعظم إبراهيم پاشا على رأس جيش الروملي مُدعماً بقوات الإنكشارية إلى ناندورفيهيرفار (حاليا: بلغراد عاصمة صربيا) لتأمين عبور نهر ساڤا الذي يمر بالمدينة ويلتقي فيها مع نهر الدانوب. تقع بلغراد على ضفاف كلا النهرين وتستفيد من موقعها الاستراتيجي عند تقاطع هذين النهرين. وعندما وصل السلطان إلى بلغراد في الثلاثين من يونيو/حزيران، كان جسر نهر ساڤا جاهزاً؛ ولم تحاول القوات المجرية تعطيل أعمال البناء.[11]

في بلغراد انضم إلى الجيش العثماني قوات من سنجق البوسنة وفرسان الآقنجية الخفيفة من البلاد الحدودية وأساطيل البحر الأسود. قام السلطان سليمان بمراجعة جيشه أثناء عبورهم جسر نهر ساڤا؛ حيث استغرق العبور أسبوعًا كاملاً.[11]

في 13 يوليو/تمُّوز، بدأ الصدر الأعظم إبراهيم پاشا، بدعم من الأسطول النهري، حصار قلعة پيتيرڤارادين (بالتركية: Petervaradin)‏ آخر حصن حدودي مجري رئيسي على نهر الدانوب (انظر الخارطة). استسلم المدافعون ودخلها العثمانيون في 15 يوليو/تمُّوز 1526م، أو بعد أسبوعين بحسب بعض المراجع. لم يتمكن بولس توموري، الذي كان يقود جيشًا لا يتجاوز عدده بضعة آلاف ويعاني من صعوبات في الإمداد، من محاولة إنقاذ أو إغاثة هذه القلعة الرئيسية.[11]

في 1 أغسطس/آب، بدأ جيش إبراهيم پاشا حصار أويلاك (بالتركية: Ujlak)‏ (إيلوك Ilok في كرواتيا حاليا)، التي كانت أضعف من پيتيرڤارادين، وسقطت في غضون أسبوع.

ثم استولى الجيش العثماني على القلاع الأصغر في سيرميا وأوسييك (كرواتيا)، مُكملين بذلك تحييد الجزء الجنوبي الشرقي من خط الحصون الحدودية المجرية.

في 14 أغسطس/آب، وصل الأتراك إلى نهر دراڤا حيث يتحد النهر مع الدانوب عند مدينة أوسييك، بكرواتيا.

في 15 أغسطس/آب، بدأ العثمانيون في بناء جسر في أوسييك على نهر دراڤا، وأتموه يوم 19 أغسطس/آب. ورغم أن بولس توموري أدرك بحق أن الدفاع عن معبر أوسييك كان فرصتهم الوحيدة لصد الجيش العثماني، إلا أنه لم يتحرك في الوقت المناسب، ولا حتى أسطفان باتوري "بالاطين المجر"، الذي أُمر على وجه التحديد بالقيام بذلك.[11]

بعد سقوط پيتيرڤارادين، تراجع توموري إلى مقره الأسقفي في باكس (Bács)، وعبر نهر الدانوب، واتخذ موقعًا شمال نهر دراڤا. وأرسل الملك لويس من معسكره في تولنا كلا من بالاطين المجر أسطفان باتوري، ورئيس القضاة السابق أمبروس ساركاني (Ambrus Sárkány)، على رأس مشاة البابا وحرس المقاطعة، للدفاع عن قلعة أوسييك ومنع عبور النهر، لكنهم إما أنهم لم يذهبوا على الإطلاق، أو أنهم عادوا أدراجهم في الطريق، بحيث عبر الجيش العثماني نهر دراڤا دون عائق بين 21 و 23 أغسطس/آب، وأحرقوا الجسر خلفهم.[11]

كانت الطرق المؤدية إلى المستنقعات الواقعة إلى الشمال من نهر دراڤا بمثابة الفرصة الأخيرة لوقف تقدم العثمانيين في ظل ظروف غير مواتية لهم. ولكن لم تبذل القيادة العسكرية المجرية أي محاولة لتحقيق هذا الهدف، بل إن القائد العام للجيش المجري بولس توموري أمر قواته بالعودة إلى المعسكر الملكي.[11]

مسار الحملة:
انطلق السلطان سليمان القانوني من إسطنبول في 23 أبريل 1526م على رأس جيشه، وعبر الجيش الأناضولي مضيق البوسفور في غاليبولي وانضمت إليه قوات قادة الروملي، ووصلوا إلى مدينة فيلبه في بلغاريا ثم إلى صوفيا حيث أجرى السلطان سليمان استعراضاً لجيشه وأرسل الصدر الأعظم إبراهيم پاشا إلى بلغراد عاصمة صربيا لتأمين عبور نهر ساڤا وعندما وصل السلطان إلى بلغراد كان جسر نهر ساڤا جاهزاً، ثم فتح العثمانيون قلاع پيتيرڤارادين وأويلاكو وأوسييك وسيرميا دون مواجهة أي مقاومة تُذكر، ثم عبر العثمانيون نهر دراڤا وتقدموا نحو «وادي موهاكس» دون مقاومة تُذكر بعد 128 يومًا من خروج الحملة.

مشاكل وصول القوات المجرية إلى معسكر موهاكس

[عدل]
تجمع الجيش المجري:
في 6 أغسطس/آب 1526م، عسكر لويس الثاني ملك المجر في "تولنا" شمال موهاكس لمدة أسبوعين بهدف تجميع القوات من المناطق المختلفة، ولكن الجيش لم يتزايد إلا ببطء.

في العشرين من يوليو/تموز 1526م، انطلق الملك لويس من بودا عازماً على جمع القوات من أماكن مختلفة خلال مسيره، وفقاً للإجراء المعتاد، فعسكر في تولنا لمدة أسبوعين ابتداءً من 6 أغسطس/آب، ولكن الجيش لم يزدد عدده إلا ببطء شديد.[11]

وبحلول ذلك الوقت، كان قد تم إعلان التعبئة للحرب في جميع المقاطعات، وابتدأت عملية تعبئة الفلاحين مستأجري الأراضي. هدد توموري بأمر الملك المتقاعسين بالعقوبات، ولكن التعبئة تأخرت بسبب موسم الحصاد، والمسافات الطويلة، والأهم من ذلك كله، الجمود الطويل والانقسامات الداخلية للحكومة.[11]

هذا يفسر لماذا لم تصل القوات الكرواتية وبعض المشاة البوهيميين والموراڤيين إلى معسكر موهاكس على الإطلاق، ولم يصل فيرينك باتياني (Ferenc Batthyány)، بان كرواتيا-سلاڤونيا إلا في صباح يوم المعركة، ومعه ثلث قواته الموعودة، أي نحو أربعة آلاف رجل. أما القبائل السلافية التي تلقت أمر التعبئة في الثالث والعشرين من يونيو/حزيران، فلم تتجمع إلا في بداية أغسطس/آب وانطلقت في منتصف الشهر.[11]

تلقى حاكم الأردل، يوحنا زاپولياي (János Szapolyai)، تعليمات متناقضة: فقد تلقى في البداية أمرا بغزو الأراضي العثمانية مع حاكم الأفلاق مستغلين غياب جيش السلطان سليمان، ولكن عندما اتضح حجم الخطر، أُمر بالانضمام إلى جيش الملك لويس الثاني ملك المجر، فانطلق بجيشه، لكنه لم يصل إلا إلى سكدين (Szeged). من المحتمل أن زاپولياي لم يكن ليتسنى له الوصول إلى موهاكس قبل نهاية أغسطس/آب حتى لو تلقى أوامر واضحة.[11]

اختيار ساحة المعركة في موهاكس

[عدل]
تأخرت التعبئة القوات المجرية بسبب موسم الحصاد
يوحنا زاپولياي حاكم الأردل، تلقَّى تعليمات متناقضة، ولم يصل بجيشه إلا إلى سكدين.
فيرينك باتياني، بان كرواتيا-سلاڤونيا لم يصل إلا في صباح يوم المعركة، مع ثلث قواته.
- لم يصل الكروات والبوهيميين والموراڤيين إلى موهاكس، وانطلق السلاڤ بمنتصف أغسطس/آب.

لم تسمح جغرافية المنطقة للمجريين بتحديد هدف العثمانيين النهائي إلى أن عبروا جبال البلقان، فلما عبروها، كانت بودا أقرب إلى العثمانيين من القوات الأردلية والكرواتية. على الرغم من قلة السجلات التاريخية، تشير الوثائق المتوفرة إلى أن لويس الثاني كان يفضل خطة للتراجع والتنازل عن البلاد أمام تقدم العثمانيين بدلاً من الاشتباك المباشر في معركة مفتوحة مع الجيش العثماني. ارتكب مجلس الحرب المجري خطأً تكتيكيًا خطيرًا بعدم انتظار التعزيزات من كرواتيا والأردل لبضعة أيام فقط، واختاروا ساحة المعركة بالقرب من موهاكس، وهو سهل مفتوح غير مستوٍ يتخلله بعض البرك المائية والمستنقعات. لم يواجه الجيش العثماني أي صعوبة في تقدمه نحو موهاكس، حيث كان لويس الثاني بانتظارهم ليقطع الطريق عليهم إلى بودا.

كان سهل موهاكس محاطًا بأراضٍ مستنقعية من جهة، وتلالٍ من الجهة الأخرى.

اصطف الجيش المجري في تشكيل معركة إلى الجنوب من بلدة موهاكس في 29 أغسطس/آب 1526م. كانت الساحة محصورة من الشرق بسهل الفيضان الموحل لنهر الدانوب، ومن الجنوب والغرب بمُصَطَبة أرضية مرتفعة ما بين 25 و30 متراً، حيث كان شدة انحدارها موضع جدل بين المؤرخين. ولكن من المؤكد أن هذه المصطبة (الشُّرفة) كانت حاسمة في مجرى المعركة. وكان تيار مياه بورزا (Borza) يمر عبر الساحة، وقد تمركز الملك لويس وجيشه إلى الجنوب من هذا التيار النهري. على الأرجح أن المجريين كانوا يقفون على مسافة تتراوح بين 2 و2.5 كيلومتر من تلك المصطبة الأرضية المرتفعة. وقد وصف أسطفان بروداريتش، الشاهد العيان، هذه المنطقة بين الشُّرفة والمجريين على أنها سهل، ولكنها في الواقع كانت مليئة بتلال صغيرة ووديان تعوق رؤية واضحة لساحة المعركة.[11]

كانت هناك قرية عند سفح المصطبة المرتفعة، يُرجح المؤرخون أنها قرية فلدڤار (بالمجرية: Földvár). يشير اختيار ساحة المعركة إلى أن القائد توموري كان يهدف إلى الاشتباك مع الجيش العثماني عند سفح المصطبة، ووضع خطة معركة هجومية نظراً للقوة العددية الأقل للجيش المجري. ومع ذلك، لا يوجد دليل قاطع على فرضية المؤرخين بأن الملك المجري لويس الثاني عقد مجلس حرب بالقرب من موهاكس. كان القادة المجريون يخططون لشن هجوم على العثمانيين أثناء نزولهم من منحدر المصطبة. ومن المثير للاهتمام، إن لم يكن من المدهش، أن توموري لم يخطط لخيار الانسحاب المنظم، وهو نفس الخطأ الذي ارتكبه قبله القائد المجري يوحنا هونياد في معركة كوسوڤو الثانية في عام 1448م. ومرة أخرى، استندت التكتيكات المجرية إلى هجمة مدمرة واحدة.[11]

كانت للجيش المجري ميزة استغلال التضاريس واختيار مناطق الاشتباك مع الجيش العثماني. وبدلاً من مهاجمة العدو المتعب على الفور، ترك المجريون العثمانيين يكافحون للمرور عبر التضاريس المستنقعية، إذ كان المجريون يأملون في الاشتباك مع الجيش العثماني بشكل تدريجي. كما كانوا في وضع أفضل، حيث كانت قواتهم مستعدة وجنودهم مستريحين، على عكس الجيش العثماني الذي أنهى للتو مسيرة شاقة في حرارة الصيف الحارقة.[33]

تشكيلات الجيشين

[عدل]
الصدر الأعظم إبراهيم پاشا أرسله السلطان إلى بلغراد لتأمين عبور نهر ساڤا، فكان الجسر جاهزا عند وصول السلطان سليان بالجيش، ثم قام بحصار وفتح القلاع لمحيطة على الطريق إلى سهل موهاكس، ثم قاد جيش الروملي في الصف الأمامي في المعركة ثم أمر القوات بالتراجع حتى تحصد المدافع العثمانية قوات المجر.
لوحة للرسام الألماني المعاصر "سيبالد بيهام" (1500م-1550م).

في معركة موهاكس، اعتمد الجيش المجري تشكيلات عسكرية تقليدية قائمة بشكل كبير على الفرسان المدرعين والتكتيكات القديمة التي فشلت في معارك قريبة ممائلة، وفي المقابل، كان الجيش العثماني حديثًا ومتقدمًا تقنيًا، يعتمد على المدفعية والنخبة من الإنكشارية، إلى جانب فرسان السباهية والقوات المجنّدة. هذا التفوق التقني والتنظيم الحديث جعل من وضع الجيش المجري ضعيفًا وغير مؤهل لمواجهة هذا الخصم القوي.

تشكيل الجيش المجري

[عدل]

بَنَت المجر جيشًا باهظ التكاليف على طراز قديم عفا عليه الزمن، حيث كانت تشكيلاته مشابهة لتشكيلات جيش الملك فرانسوا الأول ملك فرنسا في معركة بافيا التي جرت في العام الماضي 24 فبراير 1525م، والتي انتهت بخسارته وأسره، حيث اعتمد الجيش المجري على فرسان مزودين بدروع قديمة الطراز وعلى خيول مدرعة.

عند فجر يوم 29 أغسطس/آب، تألفت جبهة القتال المجرية في معركة موهاكس من خطين متوازيين مع المصطبة الأرضية المرتفعة. تمركزت المشاة ومدفعية المرتزقة في الخط الأول، بينما كانت الفرسان على الجناحين الأيمن والأيسر، أما الخط الثاني فكان يتكون من مزيج من مشاة الضباط والفرسان:[34][11]

  1. الخط الأول الأمامي:
    • تمركز معظم المشاة البالغ عددهم عشرة آلاف تقريبًا في وسط الخط الأمامي، مُشكلين جبهة طولها حوالي كيلومتر واحد.
    • كان الجناح الأيمن تحت قيادة فيرينك باتياني، بان الكروات، الذي تمركز بسلاح الفرسان الثقيل، وعلى الجناح الأيسر تولى القيادة "بطرس بيريني" (بالمجرية: Péter Perényi) حارس التاج المجري المقدس وفويفود ترانسيلفانيا، بقوات تتكون أساساً من سلاح الفرسان الثقيل.
    • قام توموري بتوزيع المدفعية المجرية على طول خط الصف الأول.
    • كان القائدان، بولس توموري وجرجس زاپولياي أيضًا في الخط الأمامي، على استعداد للتدخل في أي مكان حسب الضرورة.
    • قدَّرَ المؤرخ الخبير الموثوق في معركة موهاكس وأهم مؤرخ عسكري مجري في القرن العشرين،[35] غيزا پيرجيس (بالمجرية: Géza Perjés) (1917م-2003م)، أن الخط الأول امتد على طول جبهة تصل إلى 4 كيلومترات.[11]
  2. الخط الثاني الخلفي:
    • وقف الملك لويس الثاني في وسط الخط الثاني مع حوالي ثلاثة آلاف من سلاح الفرسان الثقيل. كانت وحدات سلاح الفرسان الخفيفة التي تحمي لويس الثاني أيضًا في الخط الثاني، وكذلك عدد صغير من المشاة.
    • لم يكن الجيش المجري ككل منظمًا بعمق، ولم يكن الصف الثاني قويًا بما يكفي لمتابعة هجوم ناجح. وهذا يعني أن أي شيء أقل من النجاح الكامل للهجوم، سوف يحسم مصير الجيش المجري بالهزيمة الساحقة.[11]

تشكيل الجيش العثماني

[عدل]

كانت تشكيلات الجيش العثماني أكثر حداثة حيث اعتمدت على المدفعية والنخبة المسلحة من الإنكشارية، أما الباقي فكان مزيجاً من سلاح الفرسان السباهية الأشداء والقوات المجنّدة من الروملي والبلقان. اصطفت الجنود العثمانية على ثلاثة صفوف، وكان السلطان ومعه كافة المدافع وفرقة الانكشارية في الصف الثالث بالخلف.[10]

بناءً على اقتراح بالي بك بن يحيى پاشا، اصطف الجيش العثماني في ثلاثة صفوف متعاقبة:

  1. كان يوجد في الصف الأمامي جيش الروملي تحت قيادة الصدر الأعظم إبراهيم پاشا،
  2. وكان جيش الأناضول في الصف الثاني بقيادة بهرام باشا (بالتركية: Behram Paşa)‏،
  3. والصف الثالث كان يتكون من الإنكشارية بقيادة السلطان سليمان.

وبحسب الخطة الحربية، كان على الجميع انتظار الهجوم المجري المتوقع، حتى إذا تركز الهجوم على قلب الجيش العثماني، تتجه القوات العثمانية بحسب الخطة إلى الجوانب تاركة الفرسان المجريين يدخلون في العمق لكي يواجهوا المدفعية العثمانية لتحصدهم.[10]

المعركة

[عدل]
تصوير لمعركة موهاكس يبين توزيع الجيوش بحسب البيارق المبينة على الرسم
منمنمة عثمانية من قصر طوب قابي بتركيا، تصور السلطان سليمان القانوني بعد الانتصار في معركة موهكس.

على الرغم من العديد من محاولات المؤرخين إعادة بناء مجريات المعركة، إلا أنهم لم ينجحوا في تحديد مسارها بشكل مرضٍ حتى الآن. لقد أثبت المؤرخ المجري غيزا پيرجيس بشكل قاطع أن ترتيب الجيش المجري في المعركة كان "لا يصلح لشيء سوى لهجوم يائس". وقد رأى العثمانيون أيضًا الأمر نفسه؛ حيث نصح حاكم ناندورفيهيرفار (بلغراد) الصدر الأعظم بعدم مواجهة الهجوم المجري مباشرة، بل بتفاديه.[11]

غادر الصدر الأعظم إبراهيم معسكره مع فيلق الروملي والإنكشارية والمدفعية وقطع مسافة لا تزيد عن 12 كيلومتراً استغرقت سبع ساعات تقريباً. ووفقاً للمصادر العثمانية في "روزنامة سليمان" فإن العثمانيين وصلوا إلى حقل موهاكس حوالي الساعة الثانية ظهراً، على أرض غارقة في الأمطار الغزيرة. ويمكننا أن نستنتج بشكل قاطع من المصادر أنه عندما وصل القادة العثمانيون، حصلوا على رؤية واضحة للجيش المجري ونظامه القتالي، وبالتالي كان لديهم أساس جيد لاختيار تكتيكاتهم.[11]

أرسل السلطان سليمان القانوني فرق الاستطلاع الآقنجية الخفيفة ليمنعوا الجيش المجري من تلقي أي تعزيزات، ثم وصل بالجيش العثماني إلى سهل موهاكس في 28 أغسطس/آب 1526م. عقد السلطان مجلس حرب ضم جميع قادة الجيش، بما في ذلك الوزير الأعظم إبراهيم پاشا، بالإضافة إلى الجنود المخضرمين. في هذا المجلس، أشار "بالي بك بن يحيى پاشا زاده مالكوچ أوغلو" إلى أن فرسان المجر المدرعين المربوطين بالسلاسل يشكلون خطرًا كبيرًا على الجيش، وأن الهجوم الجماعي يمكن أن يكون كارثيًا، واقترح مهاجمة أجنحة الجيش المجري ومؤخرته لتحقيق أكبر فائدة. وافق السلطان والمجلس على اقتراح بالي بك.

بدأت القوات المجرية بالهجوم يوم الأحد 29 أغسطس/آب 1526م.

قُتل الملك لويس الثاني ملك المجر في المعركة ولم يُعثر على جثته. وعلى عكس كل البارونات والأساقفة في الصف الثاني، لم يسقط الملك في ساحة المعركة بل غرق في المستنقع أثناء فراره.[10]

أمر القائد العام للجيش المجري بولس توموري الجناح الأيمن بقيادة باتياني والمشاة المركزية بالهجوم، ولابد أن خطته كانت تتلخص في إلحاق الهزيمة بفيلق الروملي قبل أن يتشكل قلب الجيش العثماني.[11] وبدأت المعركة بهجوم مفاجئ من قوات الميمنة المجرية على قوات الروملي بالجناح الأيسر للجيش العثماني بقيادة إبراهيم پاشا الذي اشتبك معهم لبعض الوقت قبل أن يُصدر أمراً لقواته بالتراجع للوراء حتى يندفع فرسان المجر المدرعة نحو المدى الفعال للمدفعية العثمانية. تقهقر العثمانيون خلف المدافع التي طاشت طلقاتها في البداية وفشلت في إصابة الأهداف بدقة. صَدَّقَ توموري هذه الخدعة، ورغم استمرار القصف أعطى الأمر للصف الثاني بالهجوم. وفي غضون ذلك، دخلت مدفعية فيلق الروملي في المعركة، لكن القذائف أصابت رؤوس المجريين المهاجمين. تقدم الصف الثاني المجري وبدأ الجنود المجريون في نهب المعسكر العثماني. بعد حوالي 15-20 دقيقة، بدأت قوات الإنكشارية بفتح نيران مكثفة على المجريين بسرعة غريبة أوقعت الرعب في قلوب المجر فأخذوا في التقهقر تتبعهم العساكر المظفرة مما أدى إلى خسائر فادحة في صفوفهم حتى قُتل أغلب الفرسان المجرية وقُتل ملكهم لويس الثاني ولم يُعثر على جثته.[10] حاول توموري إيقاف سلاح الفرسان المنسحب عندما قُتِل الملك. ليس من المؤكد لدينا متى قُتل الملك؛ ولكن كل ما نعرفه هو أنه على عكس البارونات والأساقفة في الصف الثاني، لم يسقط في ساحة المعركة بل مات أثناء فراره، وغرق في المستنقع. وبعد أن فر الفرسان المتبقين، تُرِك المشاة وحدهم للقتال من أجل حياتهم. وساد التفوق العثماني إلى أقصى حد، ولم يكن أمام المشاة خيار سوى القتال حتى آخر رمق، حيث وقف فرسان الآقنجية الخفيفون على أهبة الاستعداد لقطع أي محاولة للتراجع. وتمكن المرتزقة ذوو الخبرة وغير المجريين من فرض نوع من النظام في الجيش المجري والصمود لفترة أطول، وانتهت المعركة الدامية بالتدمير الكامل للمشاة المسيحيين. ووفقًا لبعض التقديرات، فقد سقط عشرة آلاف من المشاة قتلى في الميدان.[11]

إن ترتيب الجيش المجري في المعركة
كان لا يصلُحُ لشيء سوى لهجوم يائس!
—المؤرخ المجري غيزا پيرجيس

تمكن أسطفان باتوري من الفرار وأصبح أحد قادة "الحزب النمساوي" في المجر، الذي دعا إلى التحالف بين الياغيلونيين وآل هابسبورغ. بعد المعركة، لم يكن للمجر حاكم، كما لم يكن لملك المجر "لويس الثاني ياغيلون" ورثة. لعب أسطفان باتوري دورًا مهمًا في مساعدة فرديناند هابسبورغ في الاستيلاء على عرش المجر بعد معركة موهاكس، ثم توفي في 8 مايو 1530م في قلعة ديڤين (Devín) ودُفن في كنيسة القديس مارتن في براتيسلافا، بسلوڤاكيا.[36] وبسبب أسطفان باتوري إلى حد كبير، خاض الجيش المجري المعركة بطريقة خرقاء لدرجة أنها انتهت بكارثة.[37]

تؤكد المصادر العثمانية، مثل "روزنامة سليمان" (بالتركية: Süleyman Ruznamesi)‏ والقاضى المؤرخ ومفتي الدولة العثمانية "ابن كمال پاشا زاده" (بالتركية: Kemalpaşazade)‏(1469م-1534م) والمؤرخ العثماني البوسنوي إبراهيم أفندي البچوي (بالتركية: İbrahim Peçevi)‏ (1572م-1650م)، أن المجريين تكبدوا خسائر فادحة ولقوا حتفهم نتيجة النيران الكثيفة للإنكشارية.

ومع ذلك، وفقًا لتقرير أسطفان بروداريتش إشتفان الذي أعده في عام 1527م، فإن مقتل الملك لويس الثاني كانت بسبب خطأ تكتيكي من القائد الأعلى، بولس توموري. عندما ظهرت وحدة عثمانية بشكل مفاجئ، أمر توموري بنقل الحرس الملكي بعيداً عن الملك لمواجهة هذه الوحدة، ولم يُنفَّذ الأمر إلا بعد عدة تكرار الطلب والإلحاح من توموري.

نتائج المعركة

[عدل]
رسم بالزيت على قماش لمعركة موهاكس، للرسام المجري برتالان سيكي (1835–1910).
اكتشاف جسد الملك لويس الثاني بَعدَ مَعركة موهاكس، بريشة برتالان سيكيلي، المتحف الوطني المجري. تذكر المراجع أن جسد الملك لويس لم يُعثر عليه وأنه مات أثناء هربه وليس في ساحة المعركة.

كانت معركة موهاكس من المعارك النادرة في التاريخ، حيث هُزم أحد طرفيها على هذا النحو من مصادمَة واحدة وفي وقت قليل لا يتجاوز ساعتين، وترتب عليها ضياع استقلال المجر بعد ضياع جيشها على هذه الصورة في هزيمة مروعة، وبعد المعركة بيومين، في 23 من ذي القعدة 932 هـ الموافق 31 من أغسطس/آب 1526م قام الجيش العثماني بعمل استعراض أمام السلطان سليمان، وقام بأداء التحية له وتهنئته، وقام القادة بدءًا من الصدر الأعظم بتقبيل يد السلطان.

استراحت القوات العثمانية في ساحة المعركة لمدة ستة أيام، ثم تحرك الجيش نحو الشمال بمحاذاة ساحل نهر الطونة الغربي حتى بلغ بودا عاصمة المملكة المجرية فدخلها في 3 من ذي الحجة 932 هـ الموافق 10 سبتمبر 1526م، ودخل المدينة بعيد الأضحى في سراي الملك، وكان قد احتفل بعيد الفطر في بلغراد في أثناء حملته.

وعندما وصلت أخبار كارثة موهاكس إلى بودا في 30 أغسطس/آب، غادرت الملكة ماري هابسبورغ وحاشيتها المدينة على الفور، وتبعهم البرجوازيون الألمان والمجريون.[11] ومع فرار الملكة ماري والنبلاء ورجال الدولة والشعب المجري، بقي اليهود فقط في المدينة. وتوجه وفد برئاسة رئيس اليهود، سالامون، إلى بلدة فولدڤار (بالمجرية: Földvár) وسلموا مفاتيح قلعة بودا إلى السلطان سليمان القانوني. [11][38][39]

أرسل أهالي مدينة بودا عاصمة المجر مفاتيح المدينة إلى السلطان، فاستلمها وسار يحفُّ به النصر ويحدوه الجلال حتى وصل إلى مدينة بودا، ودخلها في 3 ذي الحجة سنة 931 هجرية الموافق 10 سبتمبر سنة 1526م، مشدِّدًا الأوامر على الجنود بعدم التعرُّض للأهالي والمحافظة على النظام، لكن لم تُجدِ تنبيهاته شيئًا، بل انتشرت الجنود في جميع أنحاء المدينة وفي جميع أرجاء بلاد المجر ناهبين قاتلين مرتكبين كلَّ الفظائع التي ترتكبها الجيوش الغير المنتظمة عقب الانتصار.[10]

وبعد دخول السلطان إلى مدينة بودا جمع أعيان القوم وأمراءهم ووعدهم بأن يُعين يوحنا زاپوليا أمير ترنسلفانيا ملكًا عليهم، ثم غادر إلى مقرِّ خلافته مستصحبًا معه كثيرًا من نفائس البلاد، وأهمها الكتب التي كانت موجودة في خزائن ماتياس كورڤين.[10]

انتهت معركة موهاكس
"بتدمير كامل للجيش المجري"
—المؤرخ المجري غيزا پيرجيس

مكث السلطان في المدينة ثلاثة عشر يومًا ينظم شئونها، وعين يوحنا زاپوليا أمير إقليم ترانسيلفانيا (إمارة الأردل) ملكًا على المجر التي أصبحت تابعة للدولة العثمانية، وعاد السلطان إلى عاصمة بلاده بعد أن ضم المجر إلى الدولة العثمانية وتقلص نفوذ الملك الإسباني شارلكان. وفي أثناء عودته أقام أسبوعًا في مدينة إدرنة، ووصل إلى مدينة القسطنطينية المحمية في 17 صفر سنة 933 هجرية الموافق 23 نوفمبر سنة 1526م.[10]

وعلى حد تعبير المؤرخ غيزا پيرجيس، انتهت معركة موهاكس "بتدمير كامل للجيش المجري"، وبلغ عدد الضحايا عشرة آلاف من المشاة، وأربعة آلاف من الفرسان (ثلث العدد الإجمالي)، وسبعة من رجال الدين، وثمانية وعشرين بارونًا، وزهرة النبلاء المجريين، وكانت الكارثة الحقيقية، كما حدث في معركة فارنا، هو وفاة الملك والعواقب التي أعقبت ذلك. وعلى عكس هزيمة عام 1444م عندما كان الجيش المجري يقاتل بعيدًا عن حدود المملكة ولم يكن السلطان قويًا بما يكفي لغزوها، كان لدى للسلطان سليمان في أغسطس/آب 1526م طريقا مفتوحا إلى العاصمة المجرية.[11]

بنى العثمانيون جسرًا فوق نهر الدانوب، وعبر جيشهم بالكامل لمغادرة المجر في صفين عبر الأرض الواقعة بين نهر الدانوب وتيسا. ودخل السلطان ناندورفيهيرفار (بلغراد حالياً)، البوابة السابقة للمجر، في العاشر من أكتوبر. وكان هذا رمزياً: فقد انتهت كل من "الحملة الطويلة" التي قادها يوحنا هونياد، والتي أعطت زخماً جديداً للقتال ضد العثمانيين، وحملة عام 1526م التي مثلت انهيار مملكة المجر، في ناندورفيهيرفار أو بلغراد حاليا.[11]

التراث

[عدل]
"لقد فُقد أكثر في موهاكس"
(بالمجرية: Több is veszett Mohácsnál)
—يقول المجريون على سبيل العزاء المرير وللدلالة على حجم سوء الحظ الذي واجهوه:
لا تقلق، لقد تعرضت لخسارة، وهناك خسارة أكبر من هذا في موهاكس

يُنظر إلى معركة موهاكس من قبل العديد من المجريين كنقطة تحول حاسمة في تاريخ البلاد، وكصدمة وطنية لا تزال قائمة في ذاكرة الشعب.

وللدلالة على حجم سوء الحظ الذي واجهوه، يقول المجريون حتى الآن: "لقد فُقد أكثر في موهاكس" (بالمجرية: Több is veszett Mohácsnál). ويرى المجريون أن موهاكس كانت نهاية المجر كدولة أوروپية مستقلة وقوية.

بينما كانت معركة موهاكس هزيمة حاسمة، فإن العواقب التي تلتها هي التي أنهت فعلياً استقلال المجر الكامل. فقد حولت الحروب المستمرة على مدى مائتي عام بين إمبراطورية هابسبورغ والدولة العثمانية، المجر إلى ساحة معركة دائمة وانقسمت أراضيها إلى ثلاثة أجزاء. كانت الأرياف تتعرض بانتظام للدمار بسبب الجيوش المتحركة، مما أدى إلى تدمير السكان.

لم تستعد المجر حدودها السابقة إلا في القرن التاسع عشر، ولم تحصل على استقلالها الكامل من حكم آل هابسبورغ إلا بعد الحرب العالمية الأولى.

أصبحت ساحة معركة موهاكس، بجانب قرية ساتورهيلي (بالمجرية: Sátorhely)، موقعًا تذكاريًا تاريخيًا وطنيًا رسميًا في عام 1976م بمناسبة الذكرى الـ450 للمعركة. صمم المهندس المعماري جيورجي فاداس (بالمجرية: György Vadász) نصباً تذكارياً، وتم بناء قاعة استقبال جديدة ومبنى للمعارض، أيضًا من تصميم فاداس وبتمويل جزئي من الاتحاد الأوروبي، في عام 2011م.

مراجع

[عدل]
  1. ^ Embajada de Hungría - Historia de Hungría نسخة محفوظة 1 يونيو 2020 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ ا ب ج د Historia de la Humanidad. La edad de los descubrimientos. Editorial Larousse, 2005, Santiago de Chile, pp. 69, ISBN 956-8402-36-5
  3. ^ ا ب ج د Turner & Corvisier & Childs, A Dictionary of Military History and the Art of War, pp. 365–366 "In 1526, at the battle of Mohács, the Hungarian army was destroyed by the Turks. King Louis II died, along with 7 bishops, 28 barons and most of his army (4,000 cavalry and 10,000 infantry)."
  4. ^ ا ب ج د Minahan, One Europe, many nations: a historical dictionary of European national groups, p. 311 "A peasant uprising, crushed in 1514, was followed by defeat by the Ottoman Turks at the battle of Mohacs in 1526. King Louis II and more than 20,000 of his men perished in battle, which marked the end of Hungarian power in Central Europe."
  5. ^ ا ب ج د Stavrianos, L.S. Balkans Since 1453, C. Hurst & Co. Publishers, 2000, pp. 26
    «"The latter group prevailed, and on August 29, 1526, the fateful battle of Mohacs was fought: 25,000 to 30,000 Hungarians and assorted allies on the one side, and on the other 45,000 Turkish regulars supported by 10,000 lightly armed irregulars."»
  6. ^ ا ب ج Nicolle, David, Hungary and the fall of Eastern Europe, 1000–1568, p. 13 "Hungary mustered some 25,000 men and 85 bore cannons (only 53 being used in actual battle), while for various reasons the troops from Transylvania and Croatia failed to arrive.
  7. ^ "David Nicolle,Angus McBride: Hungary and the fall of Eastern Europe 1000-1568". مؤرشف من الأصل في 25 نيسـان 2016. اطلع عليه بتاريخ 23 آذار 2012. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ أرشيف= (مساعدة)
  8. ^ وصل النبيل متأخر في ذاك اليوم ثم تراجع لكي يطالب بالعرش,
  9. ^ Stephen، Turnbull (2003). The Ottoman Empire 1326 - 1699. New York: Osprey. ص. 49. مؤرشف من الأصل في 2022-07-14.
  10. ^ ا ب ج د ه و ز ح ط ي يا يب يج يد يه محمد فريد بك المحامي (1981م - 1401هـ). تاريخ الدولة العلية العثمانية (ط. الطبعة الأولى). دار النفائس. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= (مساعدة)
  11. ^ ا ب ج د ه و ز ح ط ي يا يب يج يد يه يو يز يح يط ك كا كب كج كد كه كو كز كح كط "The Battle of Mohács – August 29, 1526 - Honvédelem". honvedelem.hu (بالمجرية). 29 Aug 2011. Archived from the original on 2024-07-31. Retrieved 2024-07-31.
  12. ^ "Hungary". Britannica Online Encyclopedia. مؤرشف من الأصل في 2008-12-27. اطلع عليه بتاريخ 2008-11-21.
  13. ^ Francis Fukuyama: Origins of Political Order: From Pre-Human Times to the French Revolution
  14. ^ http://www.history.com/topics/hungary/page4[وصلة مكسورة]
  15. ^ "A Country Study: Hungary". Geography.about.com. مؤرشف من الأصل في 2012-07-08. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-29.
  16. ^ ا ب ج Merriman, Roger Bigelow (2007-03). Suleiman the Magnificent 1520-1566 (بالإنجليزية). Read Books. ISBN:978-1-4067-7272-2. Archived from the original on 2024-07-31. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (help)
  17. ^ ا ب Merriman, p.132
  18. ^ أندريه كلو 1991، صفحة 107.
  19. ^ محمد سهيل طقوش. تاريخ العثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة. ص:188
  20. ^ Fichtner, Paula Sutter (1966-01). "An Absence Explained: Archduke Ferdinand of Austria and the Battle of Mohács". Austrian History Yearbook (بالإنجليزية). 2: 11–17. DOI:10.1017/S0067237800003386. ISSN:1558-5255. Archived from the original on 2024-06-11. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (help)
  21. ^ Fischer-Galati, Stephen (1966-01). "Comments". Austrian History Yearbook (بالإنجليزية). 2: 17–18. DOI:10.1017/S0067237800003398. ISSN:1558-5255. Archived from the original on 2023-11-14. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (help)
  22. ^ "Lengyel Hősi Emlékmű - Mohács". مؤرشف من الأصل في 1 كانون الأول 2018. اطلع عليه بتاريخ 17 آذار 2019. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ أرشيف= (مساعدة)
  23. ^ Spencer Tucker Battles That Changed History: An Encyclopedia of World Conflict, page: 166 (published 2010)
  24. ^ Gábor Ágoston,Bruce Alan Masters: Encyclopedia of the Ottoman Empire, page: 583 (published: 2009
  25. ^ Christian P. Potholm: Winning at war: seven keys to military victory throughout history, page 117 (published in 2009)
  26. ^ William J. Duiker, Jackson J. Spielvogel: World History, Volume: I page: 419, (published: 2006)
  27. ^ Stanley Lane-Poole: Turkey, page:179 (published 2004)
  28. ^ Stephen Turnbull: The Ottoman Empire, 1326–1699, page:46
  29. ^ Battle of Mohács articleEncyclopædia Britannica نسخة محفوظة 3 أيار 2015 على موقع واي باك مشين.
  30. ^ Fine، John V. A. (5 فبراير 2010). When Ethnicity Did Not Matter in the Balkans: A Study of Identity in Pre-Nationalist Croatia, Dalmatia, and Slavonia in the Medieval and Early-Modern Periods. University of Michigan Press. ص. 215. ISBN:0-472-02560-0. مؤرشف من الأصل في 2016-12-22.
  31. ^ جيريمي بلاك (2013). War and Technology. Indiana University Press. ص. 85. ISBN:9780253009890. مؤرشف من الأصل في 2019-12-20.
  32. ^ "Báthory von Ecsed, István". www.biolex.ios-regensburg.de. مؤرشف من الأصل في 2017-03-05. اطلع عليه بتاريخ 2024-08-16.
  33. ^ Zoltán Bodolai (1978). "9. Darkness After Noon". The Timeless Nation – The History, Literature, Music, Art and Folklore of the Hungarian Nation. Hungaria Publishing Company. اطلع عليه بتاريخ 2015-11-19.
  34. ^ "The Battle of Mohacs: The Fall of the Hungarian Empire", by Richard H. Berg, published in Against the Odds, Volume 3, Number 1, September 2004
  35. ^ Mihály, Nagy Miklós. "Perjés Géza és a bizonytalanság birodalma". Orszagut.com (بالمجرية). Retrieved 2024-08-20.
  36. ^ "Palatine Báthory István (c 1480-1530)". Hungarian-Ottoman Wars (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2024-02-25. Retrieved 2024-08-16.
  37. ^ "• Akik részt vettek a mohácsi csatában (1) Báthory István". HuPont.hu - Ingyenes weblapszerkesztő (بالمجرية). Archived from the original on 2024-05-22. Retrieved 2024-08-16.
  38. ^ "To Buda And Ottoman Hungary Of A Past Era". The Friday Times (بالإنجليزية). 6 Jun 2024. Archived from the original on 2024-07-31. Retrieved 2024-07-31.
  39. ^ Sanz (11 Nov 2022). "Battle of Mohács". WikiSummaries (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2024-07-31. Retrieved 2024-07-31.
  • György Dalos, Ungarn. Mythen – Lehren – Lehrbücher, in: Monika Flacke (Hrsg.): Mythen der Nationen. Ein europäisches Panorama. Eine Ausstellung des Deutschen Historischen Museums unter der Schirmherrschaft von Bundeskanzler Dr. Helmut Kohl. Begleitband zur Ausstellung vom 20. März 1998 bis 9. Juni 1998, Köhler & Amelang, München und Berlin 1998, S. 544–548
  • Nicolae Jorga: Geschichte des Osmanischen Reiches, Salzwasser, Paderborn 2011, ISBN 978-3-86382-408-2.
  • Josef Matuz: Das Osmanische Reich. Grundlinien seiner Geschichte, 7. Auflage, Wissenschaftliche Buchgesellschaft, Darmstadt 2012, ISBN 978-3-86312-326-0.
  • Klaus-Peter Matschke: Das Kreuz und der Halbmond. Die Geschichte der Türkenkriege, Artemis & Winkler, Düsseldorf und Zürich 2004, ISBN 978-3-538-07178-0.
  • Stavrianos, L.S. Balkans Since 1453, C. Hurst & Co. Publishers, 2000.
  • Nicolle, David, Hungary and the fall of Eastern Europe, 1000–1568, Osprey Publishing, 1988.
  • Stephen Turnbull, The Ottoman Empire 1326–1699, Osprey Publishing, 2003.
  • Molnár, Miklós, A Concise History of Hungary, Cambridge University Press, 2001.
  • Minahan, James B. One Europe, many nations: a historical dictionary of European national groups, Greenwood Press, 2000.
  • Palffy, Geza  [لغات أخرى]‏. The Kingdom of Hungary and the Habsburg Monarchy in the Sixteenth Century (East European Monographs, distributed by Columbia University Press, 2010) 406 pages; Covers the period after the battle of Mohacs in 1526 when the Kingdom of Hungary was partitioned in three, with one segment going to the Habsburgs.
  • History Foundation, Improvement of Balkan History Textbooks Project Reports (2001) (ردمك 975-7306-91-6)

وصلات خارجية

[عدل]