أفريقيا
رواندا
-
2023 التصنيف
131/ 180
٤٦٫٥٨ :مجموع
مؤشر سياسي
149
40.00
مؤشر اقتصادي
151
34.80
مؤشر تشريعي
101
58.87
مؤشر اجتماعي
110
58.33
مؤشر أمني
143
40.91
2022 التصنيف
136/ 180
٤٥٫١٨ :مجموع
مؤشر سياسي
140
42.12
مؤشر اقتصادي
144
31.89
مؤشر تشريعي
117
57.89
مؤشر اجتماعي
133
55.25
مؤشر أمني
137
38.76

منذ توليه زمام السلطة، يختبئ بول كاغامي وراء ذكرى الإبادة الجماعية لتبرير سيطرته على الصحافة، متذرعاً باستمرار يتلك الأحداث المأساوية التي شهدها عام 1994، حيث كانت وسائل الإعلام تذكي نار الكراهية العنصرية بين الروانديين. وفي مطلع عام 2023، توفي صحفي في حادثة لا تزال ظروفها غامضة، علماً أنه كان معروفاً بانتقاده للسلطة.

المشهد الإعلامي

بعدما عانى الأمرين جراء عقود من القمع، بات المشهد الإعلامي الرواندي من بين الأسوأ في القارة الإفريقية، حيث تقبع القنوات التلفزيونية تحت سيطرة النظام أو تقع في ملكية أعضاء منتسبين إلى الحزب الحاكم. وفي هذا السياق، توجه معظم الإذاعات برامجها نحو الموسيقى والرياضة لتجنب المشاكل. ففي بلد يبلغ تعداد سكانه 12 مليون نسمة، لم تعد الساحة الرواندية تشهد أي جريدة أو مجلة تُوزع على الصعيد الوطني. أما ممارسة الصحافة الاستقصائية، فتظل مقتصرة على قليلة قليلة، علماً أن السنوات الأخيرة شهدت عقوبات شديدة في حق الصحفيين الذين حاولوا التطرق إلى مواضيع حساسة أو انتقاد بعض الممارسات والسياسات عبر وسائل الإعلام الإلكترونية، بما في ذلك يوتيوب.

السياق السياسي

جاءت إعادة انتخاب بول كاغامي لولاية خامسة - في أغسطس/آب 2017 - لتعزز استمرارية النظام القمعي في السلطة، حيث بات من الواجب على كل من يملك وسيلة إعلامية أن يوالي الحكومة، بينما أُجبر العديد من الصحفيين على حضور برنامج وطني مخصص لتعزيز الحس القومي أو الانضمام إلى الحزب الحاكم. كما يمكن للسلطات أن تتدخل مباشرة لفصل كل من يخالف الرأي الرسمي. ويتم استغلال ذكرى الإبادة الجماعية من جهة واستخدام وسائل الإعلام التي تحض على الكراهية من جهة ثانية، مثل راديو ميل كولين، لتكميم الأفواه المعارضة وإسكات الأصوات الناقدة.

الإطار القانوني

بينما تم إلغاء تجريم التشهير، فإن إصلاح القانون الجنائي في عام 2018 لم يُسفر عن إلغاء عقوبة السجن في قضايا القذف وإهانة شخص الرئيس عن طريق الصحافة، إذ يُتابَع الصحفيون في كثير من الأحيان لأسباب لا تتعلق بعملهم أو يتم استدعاؤهم إلى المحكمة باعتبارهم ناشطين لا فاعلين إعلاميين، وهو أسلوب تقليدي للادعاء بأن الاحتجاز لا علاقة له بطبيعة عملهم، بل بما يقومون به خارج إطار عملهم. أضف إلى ذلك التنصت على الاتصالات الهاتفية للصحفيين بشكل غير قانوني، مما يترتب عنه إخلال بسرية المحادثات الشخصية من جهة، ويُسقط الحماية عن مصادر المعلومات من جهة ثانية.

السياق الاقتصادي

في ظل غياب قطاع خاص قوي ومستقل عن الحزب الحاكم، تبقى سوق الإعلانات محدودة بشكل كبير. وفي هذا السياق، يبقى الفساد والمزايا الممنوحة لبعض الصحفيين للتأثير على خطهم التحريري من الممارسات الشائعة في رواندا، حيث يعيش أهل المهنة حالة اقتصادية مزرية، ناهيك عن الضغوط الشديدة التي يتعرضون لها وأساليب التخويف التي تطالهم، مما يدفع الأجيال الصاعدة أكثر إلى البحث عن وظائف في وكالات الاتصال والمكاتب الإعلامية، حيث الأجور أفضل وأقل خطورة.

السياق الاجتماعي والثقافي

لا يزال شبح الإبادة الجماعية يخيم على الذاكرة الجماعية في رواندا، حيث يجب التعامل مع المواضيع المتعلقة بأحداث 1994 من منظور بول كاغامي ونظامه في بيئة حيث تصطدم حرية التعبير بثلاثة عقود من الخوف وثقافة الصمت، مما يجعل عمل الصحفيين أكثر تعقيداً.

الأمن

تتكالب كل العوامل لمنع الصحفيين من ممارسة عملهم بحرية في رواندا، حيث يئنون تحت وطأة التنصت والتجسس والاعتقالات والاختفاء القسري، وغيرها من الأساليب القمعية. فمنذ عام 1996، شهدت البلاد مقتل أو فقدان تسعة صحفيين، بينما أُجبر 35 آخرون على العيش في المنفى. وقد تعرض العديد من الفاعلين الإعلاميين، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في الخارج، إلى هجمات ممنهجة من قبل النظام عبر برنامج بيغاسوس للتجسس. ومن الشائع أيضاً أن يقوم ضباط المخابرات بالتجسس على الصحفيين أثناء قيامهم بتغطيات أو إنجاز تحقيقات، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البقاء بعيداً عن الأنظار. وفي السنوات الأخيرة، تزايدت وتيرة الاعتقالات والاحتجازات التعسفية حيث تعرض الصحفيون العاملون في المواقع الإخبارية إلى قمع شديد، علماً أن التحقيقات والمحاكمة المتعلقة بوفاة الصحفي جون ويليامز نتوالي في 19 يناير/كانون الثاني 2023 تؤكد مستوى الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في البلاد، حيث لا تزال العديد من علامات الاستفهام مطروحة حول هذه القضية.