Svoboda | Graniru | BBC Russia | Golosameriki | Facebook
تخطي إلى المحتوى الرئيسي
ريبورتاج

الانتخابات الرئاسية الأمريكية: هل تستجيب "السهول السوداء" لآمال الهنود الأمريكيين وتخفف معاناتهم؟

في مدينة "رابيد سيتي" (المدينة السريعة) الواقعة بداكوتا الجنوبية، يعيش الهنود الأمريكيون ظروفا اجتماعية واقتصادية صعبة جدا. فبالرغم من أنهم السكان الأوائل على أرض الولايات المتحدة، إلا أن الكثير منهم لا يزالون يعيشون في محميات بعيدة عن مراكز المدن لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة. أما الذين غادروا إلى المدن، فغالبيتهم يتسولون في الشوارع ويعيشون كمشردين غير مبالين بالحياة السياسية في البلاد ولا بالانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها دونالد ترامب وجو بايدن. ريبورتاج

في داكوتا الجنوبية، تتواجد السهول السوداء تشبه صحراء شاسعة ولد فيها الأمريكيين الأصليين ولا زالوا يتمسكون بأرض هذه السهول.
في داكوتا الجنوبية، تتواجد السهول السوداء تشبه صحراء شاسعة ولد فيها الأمريكيين الأصليين ولا زالوا يتمسكون بأرض هذه السهول. © طاهر هاني - فرانس24
إعلان

رحلة في قلب أمريكا المنسيين، وبالتحديد في مدينة "رابيد سيتي" أي (المدينة السريعة) التي تقع في داكوتا الجنوبية، حيث يعيش نحو 12 بالمئة من الهنود الأمريكيين. الحياة هنا صعبة لهؤلاء الناس الذين فقدوا كل شيء أو بالأحرى لم يملكوا شيئا في حياتهم سوى أراضيهم التي تدعى بالسهول السوداء التي هجروها بالقوة.

ويكفيك أن تتجول في شوارع "رابيد سيتي" لترى رجالا ونساء يتسولون ويطلبون من المارة البعض من المال لشراء وجبة غذائية أو قارورة من الكوكا لشربها.

وبينما وسائل الإعلام الأمريكية تتحدث صباحا ومساء عن الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، فهم يشعرون بأنهم بعيدون كل البعد من السياسة ولا يبالون بالمرشح الذي سيفوز بكرسي الرئاسة في البيت الأبيض لأن "حياتنا لن تتغير" كما تقول ماريا مايك هيم فورست وهي امرأة مشردة يبلغ عمرها 34 سنة.

مقر جمعية "الأمل" في مدينة "رابيد سيتي" بداكةتا الجنوبية. غاليية المشردين الذين يأتون من أجل الحصول على مساعدات غذائية وطبية هم من الهنود الأمريكيين. الجمعية ممولة من قبل أناس خواص
مقر جمعية "الأمل" في مدينة "رابيد سيتي" بداكةتا الجنوبية. غاليية المشردين الذين يأتون من أجل الحصول على مساعدات غذائية وطبية هم من الهنود الأمريكيين. الجمعية ممولة من قبل أناس خواص © طاهر هاني فرانس24

التقينا بها في مقر جميعة "الأمل" الواقعة في مدينة "رابيد سيتي" حيث جاءت لإقتناء بعض المواد الغذائية وتناول كأس من القهوة الساخنة رفقة مسيري هذه الجمعية الخيرية، لعلها تكسر جدار العزلة الذي تعيش فيه منذ شهور.

وقالت لفرانس24 "فقدت وظيفتي في شهر مارس/آذار الماضي بسبب كوفيد-19. وبعد بضعة أيام كنت مجبرة على مغادرة الشقة التي كنت أسكن فيها لأنني لم أكن قادرة على دفع الإيجار. وفي وقت وجيز، تحولت إلى أمرأة مشردة أتسول وأعيش في الشارع".

وأضافت "تعرفت على جمعية ’الأمل‘ التي ساعدتني كثيرا ولا تزال تساعدني بمنحي وجبات غذائية و مأوى أنام فيه خاصة وأن ليالي ’رابيد سيتي‘ أصبحت جد باردة".

احدى شوارع بلدة "رابيد سيتي" في ولاية وايومنغ حيث يعيش فيها حوالي 12 بالمئة من الهنود الأمريكيين في ظروف صعبة
احدى شوارع بلدة "رابيد سيتي" في ولاية وايومنغ حيث يعيش فيها حوالي 12 بالمئة من الهنود الأمريكيين في ظروف صعبة © طاهر هاني فرانس24

ولدت ماريا وترعرت في محمية "باين ريج" في داكوتا الجنوبية وعاشت في "ظروف صعبة للغاية" حسب تعبيرها "دون عمل ولا مال" لاقتناء حاجيتها اليومية.

لهذا السبب تقول "تركت المحمية وجئت إلى المدينة بحثا عن حياة أفضل. لكن للأسف لم أجدها بعد ولولا جمعية ’الأمل‘ والكنيسة وبعض الجمعيات الأخرى المتواجدة في ’رابيد سيتي‘ لكنت فقدت الحياة".

تعتقد ماريا أنه من الصعب للهنود الأمريكيين إيجاد وظيفة في "رابيد سيتي" لأن بعض أرباب العمل "عنصريون" كما تقول ويعتقدون بأننا " متوحشون" و"غير مثقفين" أضف إلى ذلك "نملك بشرة سمراء".

وفي سؤال هل يعتني دونالد ترامب بالهنود الأمريكيين؟ فأجابت "طبعا لا. ترامب لا يبالي بأحد حتى بالسكان البيض. كل ما يهمه هو جمع المزيد من الأموال والحفاظ على صورته وسمعته".

تتمنى ماريا أن يرحل دونالد ترامب نهائيا من البيت الأبيض ويأتي في مكانه جو بايدن "لأنه ديمقراطي وأنا أيضا ديمقراطية". لكنها أضافت ان العديد من الهنود الأمريكيين لن يشاركوا في الانتخابات لأنهم "مقتنعون بأن صوتهم لا قيمة له في صناديق الاقتراع الأمريكية".

وتابعت "على الرغم من ذلك، عليهم أن يصوتوا ويشرحوا ألغاز السياسة للأجيال القادمة لكي تتعلم كيف تنتزع حقوقها في أمريكا اليوم وتفرق بين الصواب والخطأ". وعندما سألناها هل يمكن أن يتولى يوما فرد من الهنود الأمريكيين منصب رئيس الولايات المتحدة، أجابت "طبعا لا. هذا حلم صعب التحقيق. الناس هنا ما زالوا يعيشون بعقليات قديمة يعود زمنها إلى الأربعينيات أو الخمسينيات من القرن الماضي".

مشردون في الشارع يطلبون مساعدات مالية من المارين
مشردون في الشارع يطلبون مساعدات مالية من المارين © طاهر هاني فرانس24

مئات من المشردين والمتسولين يقصدون يوميا جمعية "الأمل" التي تترأسها ميلاني تيم منذ افتتاحها في 2010.

تقوم هذه الجمعية التي تعيش بفضل تبرعات خاصة بتقديم شتى المساعدات. كإمكانية غسل الملابس والبحث عن وظيفة أو الحصول على الغذاء والملابس.

وشرحت ميلاني تيم لفرانس24 "جمعية ’الأمل‘ هو المركز الوحيد الذي يفتح أبوابه للمشردين نهارا في بلدة ’رابيد سيتي‘. منذ شهر أبريل/نيسان الماضي، نقدم مساعدات إنسانية بشكل يومي لحوالي 300 متسول. نبحث لهم عن شغل وعن مأوى ويأتون إلى مركزنا لغسل ملابسهم والاستحمام".

أمريكي من أصول هندية ينام في الشارع كونه لا يملك أي شيئ, ورغم الشمس المشرقة إلا أن درجات الحرارة منخفضة جدا
أمريكي من أصول هندية ينام في الشارع كونه لا يملك أي شيئ, ورغم الشمس المشرقة إلا أن درجات الحرارة منخفضة جدا © طاهر هاني فرانس24

وتحث ميلاني الهنود الأمريكيين على التصويت في الانتخابات الأمريكية. فيما تشعر بأن العديد منهم يهتمون بهذه الانتخابات ويتابعون تصريحات المرشحين بقدر الإمكان.

"أعتقد أن بعض الأمريكيين الأصليين الذين يأتون إلى مركزنا سيصوتون في الانتخابات، لكن لست قادرة أن أعرف عددهم. نحن نشجعهم على القيام بذلك". وأضافت "هناك من يناصر دونالد ترامب ومن يدعم جو بايدن. لا نتدخل في خياراتهم ولا نحث أي شخص على التصويت لصالح مرشح أو أخر، بل نحترم أراءهم ونحاول بقدر الإمكان الابتعاد عن السياسة".

وأنهت بالقول بأن جو بايدن ودونالد ترامب لم يتحدثا كثيرا عن موضوع التشرد والتسول والفقر الذي يطال سكان أمريكا الأصليين خوفا من أن يتعرضا إلى انتقادات من قبل الأقليات.

 

وهذا ما يقوم به شيز أيرون أيس، وهو محامي من أصول هندية وعضو في جمعية تدافع عن الهنود الأمريكيين. التقينا به في مكتبه بمدينة "رابيد سيتي" وهو يتحدث بطلاقة كبيرة كونه يناضل من أجل حقوق "أفراد قوميته" كما يقول منذ سنين.

بالنسبة لهذا المحامي الشاب، وضع الأمريكيين الأصليين لم يتغير. فهم يعانون حسب تعبيره من "التفرقة والعنصرية" فيما "سلبت كل حقوقهم وأخذت منهم أراضيهم وأراضي أجدادهم بقوة الرصاص والعنف".

وقال لفرانس24 "لغاية الآن، تعاني الولايات المتحدة من أزمة وجدانية. لدينا في السلطة حاليا قائد أعلى (يقصد دونالد ترامب) يغذي الكراهية ويريد أن يخلق حربا عرقية ويلعب على وتر الأقليات والجنس والدين. لكن نحن لن نقع في الفخ".

وعندما سألناه كيف هو وضع الهنود الأمريكيين، أجاب قائلا "نحن نعاني من القمع والعنصرية ونعيش في إطار قوانين أمريكية جائرة وأراضينا مستعمرة بشكل غير شرعي".

وأضاف "الحكومة الأمريكية سرقت منا 70 مليار دولار واحتلت السهول السوداء التي ولدنا فيها ونعيش في كنفها". فيما دعا أفراد مجتمعه إلى التصويت بكثافة لتغيير الوضع وإلى النضال بشكل سلمي من أجل استرجاع حقوقهم المسلوبة، حسب تعبيره.

للمزيد - ريبورتاج: عندما تمتزج السياسة بفحم المناجم في مدينة جيليت الأمريكية

لكن الطريق إلى تحقيق العدالة بات طويلا بالنسبة للملايين من الأمريكيين الأصليين سواء كانوا يعيشون في المدن أو في محميات بالقرب من السهول السوداء حيث ولدوا.

حاولنا زيارة محمية "باين ريج" الواقعة على بعد 70 كيلومتر من مدينة "رابيد سيتي" رفقة المحامي شيز أيرون أيس، لكن لم نتمكن من الدخول إليها بسبب إصابة عدد من سكانها بوباء كوفيد-19. فيما تم فرض حجر صحي بداخلها.

سكان هذه المحمية نصبوا حاجزا أمنيا على الطريق المؤدي إلى المحمية ومنعوا كل أجنبي من الدخول إليها تفاديا لإصابته بالوباء.

وانتابتنا تساؤلات عديدة منها كيف لهؤلاء السكان الأصليين أن يعانوا من الفقر والحرمان والتهميش في بلد يتباهى بالغناء والقوة ويعشق الحرية ويحترم الأقليات؟ وهل ستستجيب السهول السوداء التي ولدوا فيها لدعواتهم؟

 

طاهر هاني موفد فرانس24 إلى الولايات المتحدة

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.