Svoboda | Graniru | BBC Russia | Golosameriki | Facebook
تخطي إلى المحتوى الرئيسي
الانتخابات التشريعية الفرنسية 2024

التجمع الوطني والجبهة الشعبية...عندما تقوم حملة الانتخابات التشريعية الفرنسية بمراجعة التاريخ

منذ بداية حملة الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا، عرفت الأخبار الزائفة انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الحوارات التلفزيونية. بعضها تتعلق بفترة الحرب العالمية الثانية وأخرى بجذور الأحزاب السياسية، خصوصا المتعلقة بأقصى اليمين، التجمع الوطني وأقصى اليسار، الجبهة الشعبية الجديدة.

Phillipe Pétain, à la tête du régime de Vichy de juin 1940 à août 1944. Léon Blum chef de file du Front Populaire. Léon Gaultier, ancien Waffen-SS, l'un des fondateurs du FN.
فيليب بيتان على رأس نظام "فيشي" في 1940 إلى غاية 1944. ليون بلوم زعيم الجبهة الشعبية، ليون غولتييه ضابط سابق في صفوف المقاتلين النازيين. © ستيديو غرافيك فرانس24
إعلان

ازدادت حدة الحوارات والنقاشات في فرنسا قبل أسبوع من موعد تنظيم الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في 30 يونيو/حزيران و7 يوليو/تموز.

وتحسبا لهذا الموعد، يحاول كل معسكر سياسي التقليل من مصداقية الآخر. من جهة، معسكر اليسار ينتقد مؤسسو حزب الجبهة الوطنية، الذي غير اسمه ليصبح التجمع الوطني، بالقول إنهم تعاملوا مع النازيين ونظام "فيشي" خلال الحرب العالمية الثانية.

من جهة أخرى، يحاول اليمين المتطرف تلطيخ صورة الجبهة الشعبية الجديدة بالنظر إليها على أنها وريثة الائتلاف الحكومي الذي تسلم السلطة في 1936. 

فرانس24 تحاول تنقية المعلومات عبر الفرز بين الحقائق والمعلومات الزائفة.

حزب التجمع الوطني وريث حزب تم تأسيسه من قبل نازيين: صحيح

بعد الفوز الذي حققه التجمع الوطني اليميني المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية في 9 يونيو/حزيران وامتلاكه حظوظا كبيرة بالفوز بالانتخابات التشريعية المبكرة المقبلة، لم يخف معسكر اليسار مخاوفه من أن ينظر الفرنسيون إلى هذا الحزب كباقي الأحزاب الأخرى ويتعاملون معه مثلما يتعاملون مع أحزاب سياسية عادية. ما جعل بعض المسؤولين السياسيين والحزبيين يستذكرون ماضيه النازي وجذوره السياسية المتطرفة.

 

اقرأ أيضافرنسا: اليمين المتطرف ينوي حرمان حاملي الجنسية المزدوجة من تقلد "مناصب حساسة"

 

على غرار النائبة سارة لوغران من حزب فرنسا الآبية التي تساءلت على قناة إخبارية فرنسية في 11 يونيو/حزيران: " هل أنا أتحدث عن حزب التجمع الوطني وأقول بأنه وريث 'فافن إس إس' النازية ونظام 'فيشي'؟ طبعا نعم".

فرنسا: هل يعتمد ماكرون استراتيجية تشوية اليسار في الدورة الأولى للتفرغ لليمين المتشدد في الثانية؟
© فرانس24

 

غير حزب الجبهة الوطنية اسمه في مطلع يونيو/حزيران 2018، ليصبح بعد ذلك حزب التجمع الوطني.

وهو حزب سياسي يميني متطرف. تم تأسييه في 1972 من قبل جان ماري لوبان الذي أدين في الستينيات من القرن الماضي بتهمة التبرير والإشهار لجريمة حرب إثر نشره ألبوما يحتوي على أغاني من موسيقى "الرايخ الألماني الثالث".

وإضافة إلى جان ماري لوبان، شارك في تأسيس الحزب كل من بيير بوسكيه، أحد أعضاء تنظيم قوات الحماية المسلحة " فافن إس إس" التابعة لفرقة شارلومان، وجنود فرنسيين آخرين كانوا يرتدون الزي العسكري النازي شاركوا في عملية الدفاع عن مدينة برلين في العام 1945.

كما رافقه في هذه التجربة السياسية ليون غولتيه، أحد المؤسسين الآخرين للحزب اليميني المتطرف الذي كان عضوا في تنظيم قوات الحماية المسلحة " فافن إس إس" إضافة إلى الصحافي فرانسوا برينيو الذي شغل منصب نائب رئيس الجبهة الوطنية وقتها وعضوا في ميليشيات المارشال بيتان الموالي للنازيين.

في 2023، ذكرت رئيسة الحكومة السابقة إليزابيث بورن ماضي حزب التجمع الوطني. وقالت في حوار مع "راديو جي" بأنها لا تؤمن بـ "تحول" حزب التجمع الوطني من حزب يميني متطرف إلى حزب عادي مثل باقي الأحزاب الفرنسية الأخرى".

اقرأ أيضاأخبار حملة الانتخابات التشريعية الفرنسية: من رسالة ماكرون إلى تراشق هولاند وميلنشون

 

وتابعت: "لا يجب الاستهانة بخطورة الأفكار التي يدافع عنها. فهي لم تتغير. طبعا هذا الحزب غير من مفرداته ومن أسلوبه. لكن لازلت أعتقد أن إيديولوجيته خطيرة"، مشددة أن "حزب مارين لوبان وجوردان بارديلا هو حزب وريث لفيليب بيتان، مسؤول نظام 'فيشي' الذي تعاون مع ألمانيا النازية".

فرنسا لم تنتخب أبدا اليمين المتطرف: خطأ

يسوق مناصرو حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي فكرة مفادها أن هذا الحزب لم يسبق له أن حكم البلاد. لذا يجب إعطاؤه الفرصة للقيام بذلك. لكن العديد من المؤرخين أشاروا إلى أن اليمين المتطرف سبق وأن حكم في فرنسا خلال فترة نظام "فيشي".

من رسالة ماكرون إلى تراشق هولاند وميلنشون
أخبار الانتخابات التشريعية المبكرة : هولاند يقول لميلانشون "أسكت"
أخبار الانتخابات التشريعية المبكرة : هولاند يقول لميلانشون "أسكت" © فرانس24

 

على غرار المؤرخ لوران جولي، مختص في الحرب العالمية الثانية والذي قال على أمواج إذاعة "فرانس كولتور" إنه "قبل تقلده مراسم الحكم في يوليو/تموز 1940 لم يكن فيليب بيتان يصنف في خانة اليمين المتطرف، بل قوات سياسية تابعة لليمين المتطرف هي التي دفعته إلى ذلك لكي يصبح الرجل الأقوى في فرنسا بعد الهزيمة التي مني بها الجيش الفرنسي".

نفس المؤرخ أضاف أن نظام "فيشي" بنى إيديولوجيته على أفكار اليمين المتطرف فور تشكيله ووضع في قلب سياسته مبدأ التعامل مع النظام النازي ومعاداة للسامية.

والدليل على ذلك هو المصادقة من قبل هذا النظام في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1940 على نص يتعلق بـ"وضع اليهود" في فرنسا والذي عرف بشكل قانوني انتماءهم إلى "العرق اليهودي". نفس القانون حدد أيضا طبيعة المهن التي لم يحق لليهود ممارستها في تلك الفترة.

وحسب المؤرخ لوران جولي، بدأ الوجه الحقيقي لنظام بيتان الفاشي يظهر بشكل جلي في العام 1944 تزامنا مع حسم الحلفاء الحرب في مصلحتهم.

وقال: "في يناير/كانون الثاني 1944 اليمين المتطرف هو الذي بدأ يسيطر حقا على السلطة. ما أدى إلى تحول نظام 'فيشي' إلى نظام فاشي"، منوها "أن متعاملين معروفين مع النازيين أمثال فيليب أنريو ومارسيل ديات أو جوزيف داموند، أسندت لهم مهمات عالية في الحكومة أبرزها، محاربة المقاومة الفرنسية".

الجبهة الشعبية منحت كامل السلطات لفيليب بيتان: خطأ

انتقد مناصرو حزب التجمع الوطني بعض أحزاب اليسار إثر تأسيس الجبهة الشعبية الجديدة للحيلولة دون فوز اليمين المتطرف بالانتخابات التشريعية المبكرة المقبلة.

فيما شرح بعض الموالين للتجمع الوطني على مواقع التواصل الاجتماعي أن الجبهة الشعبية هي التي مكنت اليسار الفرنسي من الفوز بالانتخابات التشريعية في 1936 وأنها أعطت كامل الصلاحيات القانونية لفيليب بيتان في يوليو/تموز 1940".

اقرأ أيضافرنسا: الآلاف من النساء يتظاهرن في عدة مدن ضد اليمين المتطرف

 

يعود تاريخ تشكيل الجبهة الشعبية إلى 1934. كانت أحزاب اليسار منقسمة أنذاك. لكن لمواجهة التجمع الذي كان يضم العديد من الرابطات اليمينية المتطرفة في 6 فبراير/شباط 1934، قررت هذه الأحزاب الاتحاد ضد "هذا الانقلاب الفاشي".

الرئيسة السابقة لحزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف في الجمعية الوطنية مارين لوبان (يسار) ورئيسه وزعيم القائمة الانتخابية الحالية جوردان بارديلا (يمين) 3 آذار/ مارس 2024.
الرئيسة السابقة لحزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف في الجمعية الوطنية مارين لوبان (يسار) ورئيسه وزعيم القائمة الانتخابية الحالية جوردان بارديلا (يمين) 3 آذار/ مارس 2024. © أ ف ب

 فاز الائتلاف الذي كان يضم اشتراكيين وشيوعيين وراديكاليين بالانتخابات التشريعية في 5 مايو/أيار 1936 وتحصل على 386 مقعدا من بين 608.

وعلى ضوء هذا الفوز، تم تعيين ليون بلوم رئيسا للحكومة بعد ما تحصلت الجبهة الشعبية على غالبية المقاعد في الجمعية الوطنية.

لكن الفرحة لم تدم طويلا إذ تم تنظيم إضراب شامل من أجل الضغط على الحكومة. وفي 8 يونيو/حزيران 1936 وبعد مفاوضات طويلة وشاقة، تم التوقيع على اتفاقيات ماتينيون (اسم مقر رئاسة الحكومة في باريس) التي منحت الكثير من الحقوق الاجتماعية للعمال.

وفي 21 يونيو/حزيران 1937، أي بعد عام وأسبوعين من توليه منصب رئيس الحكومة، أعلن ليون بلوم استقالته منهيا بذلك تجربة الجبهة الشعبية في 1938.

ورافقت هذه الاستقالة موجة من الإضرابات بسبب إلغاء حكومة إداور دلادييه الحقوق الاجتماعية التي انتزعتها الجبهة الشعبية.

وحسب سيرج وليكوو، وهو مؤرخ مختص في الحركات العمالية ومدرس في جامعة بورغون (وسط فرنسا) "هذه الحركة دامت أربع سنوات"، مضيفا: "عندما تم التصويت على منح كامل السلطات لفيليب بيتان في 10 يوليو/تموز1940، لم تعد الجبهة الشعبية بنفس الصيغة التي كانت بها فور تأسيسها".

وفي ذلك اليوم، صوتت الجمعية الوطنية بالغالبية (569 صوت مقابل 80) من أجل قانون دستوري يمنح "كامل السلطات لحكومة الجمهورية" التي كان يقودها فيليب بيتان.

اقرأ أيضاالانتخابات التشريعية الفرنسية: ماكرون يهاجم أقصى اليمين واليسار ويدعو للتصويت ضدهما

 

لكن النواب الذين صادقوا على هذا القانون ليسوا من الجبهة الشعبية. عكس الـ80 الذين صوتوا ضده. فغالبيتهم كانوا ينتمون إلى صفوفها"، يشرح جان فيغرو، المختص في شؤون اليسار الفرنسي.

جان فيغرو صاحب كتاب "تاريخ الجبهة الشعبية 1936" أضاف أن العديد من النواب الذين كانوا ينتمون إلى هذا التحالف لم يصوتوا في 10 يوليو/تموز 1940 لأن بعضهم "غادروا الحياة السياسة والتحقوا بالجبهات القتالية. أما البعض الآخر فلقد أقيلوا من مناصبهم وفقدوا عهدتهم البرلمانية. فيما غادر آخرون فرنسا على متن بواخر إلى الخارج بعد ما تم التوقيع على الميثاق الألماني الروسي".

رئيسة مجموعة التجمع الوطني اليمينية المتطرفة (RN) مارين لوبان أثناء إلقائها خطابا خلال جلسة أسئلة للحكومة في الجمعية الوطنية في باريس في 4 يوليو 2023.
رئيسة مجموعة التجمع الوطني اليمينية المتطرفة (RN) مارين لوبان أثناء إلقائها خطابا خلال جلسة أسئلة للحكومة في الجمعية الوطنية في باريس في 4 يوليو 2023. © أ ف ب

وأضاف المؤرخ سيرج وليكوو: "القول بأن الجبهة الشعبية أعطت كامل السلطات للمارشال بيتان أمر غير صحيح تاريخيا" منوها "أن هدف مثل هذه الادعاءات هو إتلاف الذاكرة المتعلقة بالجبهة الشعبية سنوات الثلاثينيات".

هل "يتقلب" ليون بلوم في قبره؟

منذ الإعلان عن تأسيس الجبهة الشعبية الجديدة، عاد الحديث على ليون بلون إلى النقاش العام. معسكر اليسار يحاول أن يستذكر الإنجازات التي حققها هذا الرجل السياسي الاشتراكي في الثلاثينيات من القرن الماضي.

إلا أن بعض المؤسسات اليهودية انتقدت الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم العديد من أحزاب اليسار ونددت بـ"الاتفاقيات المخجلة" التي وقعتها بعض أحزاب اليسار مع حزب فرنسا الآبية بزعامة جان لوك ميلنشون الذي يتهمونه بمعاداة السامية بسبب مواقفه من الحرب في غزة.

ولد ليون بلوم في عائلة يهودية من منطقة "ألزاس" شمال شرق فرنسا. تعرض في بداية مشواره الوظيفي إلى هجمات معادية للسامية.

وخلال مراسم تنصيبه رئيسا جديدا للحكومة الفرنسية في 1936، علق النائب غزافيه فالا، الذي تخصص بعد ذلك في المسائل المتعلقة باليهود في مدينة فيشي قائلا: "فرنسا، هذا البلد ذوالأصول الغالو رومانية سيحكمها للمرة الأولى شخص يهودي". أما أخ بلوم فقد اغتيل في منطقة أوشفيتز في سبتمبر/أيلول 1942 لأنه كان يهوديا.

وإلى ذلك، انتقدت الجمعية المناهضة للعنصرية ومعاداة السامية الحزب الاشتراكي الذي نسي حسبها "تاريخه الخاص وثقافته السياسية والمعارك التي خاضها من أجل الإنسانية" بعدما اتحد مع حزب فرنسا الآبية الذي يتزعمه ميلنشون.

أما الرئيس ماكرون فقد صرح بأن "ليون بلوم يتقلب في قبره" بسبب اتحاد الحزب الاشتراكي مع حزب فرنسا الأبية الذي ترشح ممثلون عنه في أكثر من 300 مقاطعة انتخابية، أي بشكل غير مباشر. فيما انتقد ماكرون مرشحي حزب فرنسا الآبية لأنهم "لم ينددوا بشكل واضح بالتصرفات المعادية للسامية".

وأنهى ماكرون: "الجبهة الشعبية لديها معنى في تاريخنا ودور تلعبه وتتمتع بكرامة".

من جانبه، أجاب حفيد ليون بلوم الذي يدعى أنطوان ملامود على كل هذه الانتقادات في مقال نشره موقع "ميديا بارت".

وكتب: "في 1936 كانت الانقسامات كبيرة في صفوف الجبهة الشعبية بين الشيوعيين والاشتراكيين والراديكاليين. لكن بالنسبة لليون بلوم، كان الأمر يتعلق قبل كل شيء بتأسيس وحدة شعبية لمواجهة التهديدات الفاشية".

مارين لوبان رئيسة حزب "التجمع الوطني" بين النواب في الجمعية الوطنية الفرنسية، 19 ديسمبر 2023.
مارين لوبان رئيسة حزب التجمع الوطني بين النواب في الجمعية الوطنية الفرنسية، 19 ديسمبر 2023. © أ ف ب

وتابع: "على الجبهة الشعبية الجديدة ترك الخلافات والهجمات الشخصية جانبا رغم وجود انقسامات جوهرية بين مسؤوليها".

وأنهى: "طبعا يجب انتقاد التصريحات المتهورة التي يدلي بها حزب فرنسا الآبية لكن يجب أن نعلم بأن الفكر المعادي للسامية ينمو أكثر في قلب الإيديولوجية التي يدافع عنها اليمين المتطرف".

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.