Svoboda | Graniru | BBC Russia | Golosameriki | Facebook
تخطي إلى المحتوى الرئيسي
تونس

تونسيون يطلقون صيحة فزع بعد تنامي اعتداءات السلفيين

موفد فرانس 24 إلى تونس – تلاحقت الأحداث بسرعة كبيرة في تونس منذ الأحد الماضي بعد اقتحام مجموعة من السلفيين رواق قصر العبدلية احتجاجا على عرض لوحات فنية خلال الدورة السادسة لربيع الفنون اعتبروا فيها تعديا على القيم الإسلامية. لتعيش البلاد سلسلة من الأحداث الدامية والمواجهات بين سلفيين ورجال الشرطة ومواطنين في وقت متزامن في عدة مدن وأحياء تونسية، أسفرت عن سقوط عددا من الجرحى وقتيل.

إعلان

مظاهر التوتر والخوف تبدو واضحة على وجوه التونسيين منذ ثلاثة أيام، خوف تشوبه الحيرة مما ستؤول إليه البلاد بعد تكرر اعتداءات السلفيين وتوسع رقعة العنف التي طالت ولأول مرة وبشكل متزامن مناطق متفرقة من جندوبة إلى حي التضامن وأريانة وحي الانطلاقة والمرسى... والجهة التي يشتبه في وقوفها وراء ذلك تبدو واحدة: السلفيون.

تسارعت الأحداث وتلاحقت منذ ختام تظاهرة ربيع الفنون يوم الأحد الماضي في دورته السادسة  حين احتج ملتحون على لوحات رسمها فنانون تشكيليون رأت فيها هذه المجموعات السلفية تعديا على الحرمات ومسا بالرموز الدينية. وقامت المجموعات بمهاجمة رواق ربيع الفنون بالعبدلية بعد أن حاولت في مناسبة أولى وبالاستعانة بموظف عدلي وبحضور محامي وقف عرض بعض اللوحات ، وأعطوا مهلة للمنظمين بسحبها من العرض قبل السادسة مساء

صور من قصر العبدلية خلال تظاهرة ربيع الفنون وبعدها

 

الفنانون هم من ساهموا في الثورة وليس السلفيين، ونشعر اليوم بالخوف على سلامتنا الشخصية

وتقول الفنانة التشكيلية آمال بن عطية التي تعرض أعمالها في رواق العبدلية لفرانس 24 إن الفنانين والمشرفين أخذوا هذه التهديدات على محمل الجد وقاموا بإبلاغ السلطات الأمنية وأعضاء من المجلس التأسيسي والصحافة المحلية والأجنبية بنوايا السلفيين، كما قاموا عبر فيس بوك بنشر تهديدات المتشددين ووعيدهم للفنانين بالويل والثبور.

تقول آمال إن هذه الجهود أعطت أكلها إعلاميا على الأقل حيث أثنت السلفيين عن اقتحام الرواق بعد أن انتشرت الشرطة مع مجموعة من المتعاطفين مع الفنانين التشكيليين والمناصرين لحرية التعبير حول الرواق، ما منع الملتحين من دخول قصر العبدلية والعبث به. إلا أنه مع حلول الليل ورحيل الشرطة عن المكان عاد السلفيون واقتحموا الرواق وقاموا بتكسير وتهشيم المرافق وإحراق بعض اللوحات بعد أن هرّبت اللوحات المستهدفة من الرواق.

آمال تتجاوز هذه الأحداث وتتساءل عن المغزى الحقيقي من هذه الاعتداءات، "هذه الأحداث لا تستهدف لوحات أطلق فيها الفنان العنان لخياله ومقارباته الفنية بل تستهدف الفن والثقافة وتعمل على تكبيل مجال الحريات الشخصية والعامة. الثقافة هي التي دعمت الثورة والفنانون هم من تعرضوا للقمع والملاحقة في عهد زين العابدين بن علي وهم من غنوا للثورة وقاوموا الطغيان السياسي. فأين كان السلفيون حينها؟ وما الذي قدموه للثورة؟

خطر تكرار السيناريو الجزائري خلال التسعينات

أمال بن عطية تعتقد أن أمن وسلامة الفنانين والمبدعين التونسيين اليوم في خطر، خطر محدق يمكن التحقق منه بالاطلاع عما ينشره السلفيون اليوم من صور وأسماء الفنانين على صفحاتهم على الفيس بوك، مطالبين بالقصاص وقطع الرقاب لتعديهم على المقدسات على حد تعبيرهم . وتتساءل إذا كنا نعيش اليوم بداية السيناريو الجزائري في التسعينات حين بدأ الإسلاميون باستهداف الفنانين والمبدعين قبل أن تغرق البلاد في مستنقع من الدماء لقرابة عقد من الزمن أودى بحياة مئات الآلاف من المدنيين.

صور من بعض صفحات فيس بوك السلفية تدعو لذبح بعض رموز الإعلام في تونس

اعتداءات السلفيين أصبحت تتسم اليوم بطابعها التنظيمي حيث تمت مهاجمة عدة مقار حكومية وحزبية ومراكز أمنية منذ يوم الأحد في إقليم تونس الكبرى ومنها المحكمة الابتدائية بتونس 2 . كما هاجم السلفيون رجال الأمن بزجاجات المولوتوف الحارقة والعصي والسيوف والحجارة ما أسفر عن سقوط أكثر من 73 جريحا أغلبهم في صفوف الأمن بحسب وسائل الإعلام الوطنية الرسمية .

الشرطة تنتظر تعليمات واضحة للتدخل

وصرح رئيس قسم شرطة لفرانس 24 بأن "جانبا كبيرا من أفراد الأمن اليوم لا يعرف كيف يتصرف مع هذه الفئة الخاصة من التونسيين حيث أن التعليمات الصادرة إليهم تتضارب في أغلب الأحيان بل وتتعارض أحيانا أخرى ويؤكد أن الشرطة اليوم مكبلة الأيدي حيث أن أفرادها لا يستخدمون سوى الغازات المسيلة للدموع والهراوات في مواجهة مجموعات مستعدة للمواجهة ولم تعد تهاب الشرطة التي جردت من قدسيتها وقيدت حركتها، ويضيف المصدر بأنه وزملاءه اليوم يخافون أيضا من الملاحقة القضائية التي دفع بعض أفراد الأمن فاتورتها اليوم عن أحداث الثورة.... والكل أصبح يخشى هذا المصير ما شجع السلفيين الذين أصبحوا في موقع قوة وأصبحنا نحن في موقع ضعف فمتى تزودنا وزارة الداخلية بتعليمات واضحة للتعامل مع هذه الأطراف التي تجر البلاد نحو المجهول؟ "

الحكومة لم تقدم إشارات قوية لطمأنة الرأي العام

تعامل الحكومة مع الخطر السلفي انتقده أيضا رئيس تحرير جريدة المغرب زياد كريشان الذي صرح لفرانس 24 بأن البلاد دخلت فعلا مرحلة تنبئ بالخطر خاصة أن الحكومة الحالية لم تأخذ خطوات تبعث على تطمين الرأي العام، هناك تخبط واضح استغله المتشددون وشجعهم على المضي قدما في تجاوزاتهم. الوضع خطير فعلا وقابل للانفجار في أي لحظة. هناك أزمة ثقة بين الحكومة والشعب والحسابات السياسية في اعتقادي طغت على تحركات حكومة الترويكا حيث دخلت الأحزاب الثلاثة في أجواء انتخابية مبكرة.

السلفيون في تونس

كما أن دعوة زعيم "القاعدة" لأنصار التنظيم في تونس للانقلاب على الحكم تؤكد صعوبة الوضع في تونس وخطورته وتؤكد أن البلاد تتربص بها جهات وأطراف أجنبية خطيرة ويكفي أن تقع هجمات إرهابية تودي بحياة بعض السياح أو الأجانب حتى تدخل البلاد في مأزق خطير يصعب الخروج منه .

اتهام النهضة بالتحالف مع السلفيين، وسعي الحزب الحاكم لتشتيت الانتباه عن فضيحة البكالوريا

مشاعر الخوف والقلق لم تخفها مجموعة من الشباب التقتهم فرانس24 في إحدى مقاهي ضاحية المرسى حيث أكدوا أن ما يحدث في تونس اليوم يدفعهم إلى مطالبة هذه الحكومة بحلول جذرية للمخاطر التي تحدق بالبلاد من قبل هؤلاء السلفيين، ويقول محمد أمين وهو طالب - 24 عاما - إن تسارع وتيرة الأحداث منذ مساء السبت يؤكد أن السلفيين لم يقوموا سوى بالاستجابة لخطاب أيمن الظواهري الذي دعا إلى أخذ الحكم في تونس وتطبيق الشريعة وهذه الاستجابة الفورية تدعو إلى التشاؤم من مآل هذه الأحداث.

أميرة طالبة أيضا تؤكد أنه منذ بداية الأسبوع بدأت تشعر بوطأة هذه الأحداث على حياتها اليومية وتقول إنها اليوم تمارس نوعا من الرقابة الذاتية والقمع الذاتي حيث بدأت تغير من عاداتها اليومية وطريقة لباسها وزينتها في ظل حكومة متخاذلة ومع انتقال السلفيين إلى المرحلة التالية من المواجهة مع الشعب. ولا تستبعد أن يقوموا باختطاف وقطع رؤوس عدد من الشباب الذين يعتبرونهم من الكفار وبث الصور على الإنترنت للعبرة والتخويف.

نادر23 عاما أشار من جهته للعلاقة المحتملة بين صعود السلفيين وتنوع تحركاتهم في هذا الوقت بالذات الذي شهد فضيحة كبرى في تونس بعد تسريب امتحانات البكالوريا، ويتساءل هل أن الحكومة الحالية بصدد تشتيت الانتباه عن هذه الفضيحة التي تضع مصداقية التعليم التونسي في الميزان.

ويتساءل أيضا عن أسباب عدم استهداف السلفيين خلال الأيام الماضية لمقار حزب النهضة والاكتفاء باستهداف مكاتب الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب الجمهوري وحركة الوطنيين الديمقراطيين، وتساءل أيضا عن مدى التقارب بين مجموعات الملتحين وميليشيات الحزب الحاكم وهو ما أشارت إليه بوضوح بعض الشعارات التي كتبت على جدران قصر العبدلية.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

مشاركة :
الصفحة غير متوفرة

المحتوى الذي تريدون تصفحه لم يعد في الخدمة أو غير متوفر حاليا.